Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 6-6)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : يحفظون فروجهم إلا على أزواجهم لأن الله أحلها { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } [ المؤمنون : 6 ] ومِلْك اليمين حلال لم يَعُد له موضع ، ولم يَعُد له وجود الآن ، وقد حرم هذا القانون البشري الدولي ، فلم يعد هناك إماء كما كان قبل الإسلام ، فهذا حكم مُعطّل لم يَعُدْ له مدلول ، وفرق بين أن يُعطّل الحكم لعدم وجود موضوعه وبين أن يُلْغى الحكم ، فمِلْك اليمين حكم لم يُلْغ ، الحكم قائم إنما لا يوجد له موضوع . ولتوضيح هذه المسألة : هَبْ أنك في مجتمع كله أغنياء ، ليس فيهم فقير ولا مستحق للزكاة عندها تقول : حكم الزكاة مُعطّل ، فهي كفريضة موجودة ، لكن ليس لها موضوع . وبعض السطحيين يقولون : لقد ألغى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سهام المؤلفة قلوبهم ، والحقيقة أنه ما ألغى ولا يملك أن يُلغي حكماً من أحكام الله ، إنما لم يجد أحداً من المؤلّفة قلوبهم ليعطيه ، فالحكم قائم لكن ليس له موضوع ، بدليل أن حكم تأليف القلوب قائم ومعمول به حتى الآن في بلاد المسلمين ، وكثيراً ما نحاول تأليف قلوب بعض الكُتّاب وبعض الجماعات لنعطفها نحو الإسلام ، خاصة وغيرنا يبذلون قصارى جهودهم في ذلك . إذن : فسَهْم المؤلّفة قلوبهم ما زال موجوداً ويُعمل به . كما نسمع مَنْ يقول : إن عمر - رضي الله عنه - عطَّل حَدَّ السرقة في عام الرمادة ، وهذا ادعاء مخالف للحقيقة لأنه ما عطّل هذا الحد إنما عطَّل نصاً وأحيا نصاً لأن القاعدة الشرعية تقول : ادرأوا الحدود بالشبهات . وما دام قد سرق ليسُدَّ جَوْعته فلم يصل إلى نصاب السرقة ، فالسرقة تكون بعد قدر يكفي الضرورة . ولقائل أن يقول : إذا دارت حرب بين المؤمنين والكافرين وأسروا منا وأسرنا منهم ، ألا يوجد حينئذ مِلْك اليمين ؟ نقول : نعم يوجد مِلْك اليمين ، لكن ستواجهك قوانين دولية ألزمتَ نفسك بها وارتضيتها تقول بمنع الرقِّ وعليك الالتزام بها ، لكن إنْ وُجِد الرقُّ فمِلْك اليمين قائم وموجود . وهذه المسألة يأخونها سُبّة في الإسلام ، وكيف أنه يبيح للسيد كذا وكذا من مِلْك يمينه . وهذا المأخذ ناشىء عن عدم فهم هؤلاء للحكمة من مِلْك اليمين ، وأن كرامة المملوكة ارتفعت بهذه الإباحة ، فالمملوكة أُخِذت في حرب أو خلافه ، وكان في إمكان مَنْ يأخذها أن يقتلها ، لكن الحق سبحانه حمى دمها ، ونمَّى في النفس مسألة النفعية ، فأباح لمَنْ يأسرها أن ينتفع بها وأحلّها له أيضاً . ولك أن تتصور هذه الأَمَة أو الأسيرة في بيت سيدها ومعه زوجة أو أكثر وهي تشاهد هذه العلاقات الزوجية في المجتمع من حولها ، إن من حكمة الله أن أباح لسيدها معاشرتها لأنها لن ترى لربة البيت بعد ذلك مزيّة عليها لأنهما أصبحا سواء ، فإذا ما حملتْ من سيدها فقد أصبحتْ حُرَّة بولدها ، وكأن الحق سبحانه يُسيِّر الأمور تجاه العِتْق والحرية . ألاَ تراه بعد هذا يفتح باب العتق ويُعدِّد أسبابه ، فجعله أحد مصارف الزكاة وباباً من أبواب الصدقة وكفَّارة لبعض التجاوزات التي يرتكبها الإنسان . ثم يقول سبحانه : { فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } [ المؤمنون : 6 ] يعني : لا نمدحهم ولا نذمُّهم ، وكأن المسألة هذه في أضيق نطاق . ثم يقول الحق سبحانه : { فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذٰلِكَ … } .