Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 44-44)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فالليل والنهار آيتان يتتابعان لكن دون رتابة ، فالليل قد يأخذ من النهار ، والنهار يأخذ من الليل ، وقد يستويان في الزمن تماماً . ومن تقليب الليل والنهار ما يعتريهما من حَرٍّ أو برد أو نور وظلمة . إذن : فالمسألة ليست ميكانيكية رتيبة ، إنما هي قيومية الله تعالى وقدرته في تصريف الأمور على مراده تعالى لذلك يقول تعالى بعدها : { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } [ النور : 44 ] . العِبرة والعَبرة والعبور والتعبير كلها من مادة واحدة ، نقول : هذا مكان العبور يعني الانتقال من جهة إلى جهة أخرى ، وفلان عبَّر عن كذا ، يعني : نقل الكلام النفسي إلى كلام باللسان ، والعبرة أنْ ننظرَ في الشيء ونعتبر ، ثم ننتقل منه إلى غيره ، وكذلك العَبْرة لأنها حزن أسال شيئاً ، فنزل من عيني الدمع . والعبرة هنا لمن ؟ { لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } [ النور : 44 ] والمراد : الأبصار الواعية لا الأبصار التي تدرك فقط ، والإنسان له إدراكات بوسائلها ، وله عقل يستقبل المدركات ويغربلها ، ويخلُص منها إلى قضايا ، ومن الناس مَنْ يبصر لكنه لا يرى شيئاً ولا يصل من رؤيته إلى شيء ، ومنهم أصحاب النظر الواعي المدقِّق ، فالذي اكتشف قوة البخار رأى القِدْر وهي تغلي وتفور فيرتفع عليها الغطاء ، وهذا منظر نراه جميعاً الرجل والمرأة ، والكبير والصغير ، لكن لم يصل أحد إلى مثل ما وصل إليه . إذن : المراد الأبصار التي تنقل المبصر إلى العقل ليُحلِّله ويستنبط ما فيه من أسباب ، لعله يستفيد منها بشيء ينفعه ، والله تعالى قد خلق في الكون ظواهرَ وآياتٍ لو تأملها الإنسان ونظر إليها بتعقُّل وتبصُّر لاستنبطَ منها مَا يُثري حياته ويرتقي بها . ثم يقول الحق سبحانه : { وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ … } .