Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 59-59)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الطفل حين كان طفلاً لم يبلغ الحُلُم كان يدخل دون استئذان في غير هذه الأوقات ، فإنْ بلغ الحُلُم فعليه أنْ يستأذن ، لا نقول : إنه تعوَّد الاستئذان في هذه الأوقات فقط ، لا ، إنما عليه أنْ يستأذن في جميع الأوقات فقد شَبَّ وكَبِر ، وانتهتْ بالنسبة له هذه الحالة . وبلوغ الحلم أن ينضج الإنسان نُضْجاً يجعله صالحاً لإنجاب مثله ، فهذه علامة اكتمال تكوينه ، وهذا لا يتأتّى إلا باستكمال الغريزة الجنسية التي هي سَبَب النَّسْل والإنجاب ، ومثّلْنا ذلك بالثمرة التي لا تحلو إلا بعد نُضْجها ، فإنْ تركتَها بعد النضج سقطتْ من نفسها ، وهذه آية من آيات الله لبقاء النوع ، فلو أكلنا الثمرة قبل نُضْجها لا تنبت بذرتها وينقرض نوعها ، فمن حكمة الله في الخَلْق ألاَّ تحلو الثمرة إلا بعد النُّضْج . كذلك الولد حين يبلغ يصبح صالحاً للإنجاب ، ونقول له : انتهتْ الرخصة التي منحها لك الشرع ، وعليك أن تستأذن في جميع الأوقات . لذلك يقول تعالى في موضع آخر : { أَوِ ٱلطِّفْلِ ٱلَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىٰ عَوْرَاتِ ٱلنِّسَآءِ … } [ النور : 31 ] . وجاء بالطفل بصيغة المفرد لأن الأطفال في هذه السِّنِّ لم تتكوّن لديهم الغريزة ، وليست لهم هذه الميول أو المآرب ، فكأنهم واحد ، أمّا بعد البلوغ وتكوُّن الميول الغريزية قال : { ٱلأَطْفَالُ … } [ النور : 59 ] لأن لكل منهم بعد البلوغ ميوله وشخصيته وشطحاته . وقوله : { كَمَا ٱسْتَأْذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ … } [ النور : 59 ] أي : من الكبار الذين يستأذنون في كل الأوقات { كَذٰلِكَ … } [ النور : 59 ] أي : مثل ما بينَّا في الاستئذان الأول { يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ … } [ النور : 59 ] لأنه سبحانه { عَلِيمٌ … } [ النور : 59 ] بما يُصلِحكم { حَكِيمٌ } [ النور : 59 ] لا يُشرِّع لكم إلا بحكمة . ثم يقول سبحانه : { وَٱلْقَوَاعِدُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ ٱلَّلاَتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً … } .