Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 38-38)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
إنها نماذج من المتاعب التي لاقاها الرسل من أممهم ، كما قال في موضع آخر : { وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً … } [ الأعراف : 65 ] . { وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً … } [ الاعراف : 73 ] . وكانت النهاية أن نصر الله أولياءه ورسله ، ودحر خصومهم والمكذِّبين بهم ، كل ذلك ليقول لرسوله صلى الله عليه وسلم : يا محمد لست بدعاً من الرسل ، فإنْ وقف منك قومك موقفَ العناد والتكذيب ، فكُنْ على يقين وعلى ثقة من نصر الله لك كما قال : { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ } [ الصافات : 171 - 173 ] . إنها قضية يطلقها الحق تبارك وتعالى لا للتأريخ فقط ، ولكن لتربية النفس البشرية ، فإنْ أردتَ الغلبة فكُنْ في جند الله وتحت حزبه ، ولن تُهزَم أبداً ، إلا إذا اختلّتْ فيك هذه الجندية ، ولا تنْسَ أن أول شيء في هذه الجندية الطاعة والانضباط ، فإذا هُزِمْتَ في معركة فعليك أن تنظر عن أيٍّ منهما تخليْتَ . لذلك رأينا في غزوة أحد أن مخالفة الرماة لأمر رسول الله قائد المعركة كانت هي سبب الهزيمة ، وماذا لو انتصروا مع مخالفتهم لأمر الرسول ؟ لو انتصروا لَفهِموا أنه ليس من الضروري الطاعة والانقياد لأمر رسول الله . إذن : هذا دليل على وجوب الطاعة ، وألاَّ يخرجوا عن جندية الإيمان أبداً خضوعاً وطاعة ، ولا تقولوا : إن الرسول بيننا فهو يُربيكم لأنه لن يخلد فيكم . وقوله تعالى : { وَأَصْحَابَ ٱلرَّسِّ … } [ الفرقان : 38 ] الرسّ : هو البئر أو الحفرة ، وكانت في اليمامة ، ويُسمُّونها الأخدود ، وقد ورد ذكرها في سورة البروج . وقد قال سبحانه هنا : { وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً } [ الفرقان : 38 ] لم يُرِد الحق سبحانه أنْ يُعدِّد كل الأمم السابقة ، واكتفى بذِكْر نماذج منها ، وفي مواضع أخرى يجمعهم جملةَ ، فيقول تعالى : { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا … } [ العنكبوت : 40 ] . ثم يقول الحق سبحانه : { وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ ٱلأَمْثَالَ … } .