Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 42-42)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فكيف تستهزئون به وترَوْنه دون مستوى الرسالة ، ثم تقولون إنه كاد أنْ يُضلكم عن آلهتكم يعني : قَرُبَ أنْ يُضلّكم عن آلهتكم ، مع ما أنتم عليه من التعنّت والعناد ؟ هذا دليل وشهادة لرسول الله أنه قويٌّ وأنه على مستوى الرسالة ، وأنه لم يدخر وُسْعاً في دعوتكم ، حتى كاد أنْ يصرفكم عن آلهتكم . والدليل على أنهم كانوا يخافون من تأثير رسول الله عليهم قولهم لأتباعهم إذا رأوهم يستمعون للقرآن : { لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } [ فصلت : 26 ] إذن : يريدون أنْ يُشوِّشوا على القرآن لما يعلمون من تأثيره في النفوس ، وهم أمة فصاحة وبلاغة ، فإنْ سمعوا القرآن فلا بُدَّ أن يُؤثّر في قلوبهم ويجذبهم إليه . ألا ترى قصة إسلام عمر - رضي الله عنه - وكيف كان قبل الإسلام شديداً جباراً ؟ فلما تهيأت له الفرصة فاستمع للقرآن وصادف منه ملَكةً سليمة وفطرة نقية ، حيث أعاده حادث ضَرْبه لأخته وشَجِّه لها ، أعاده إلى سلامة الفطرة والطويّة ، فلما سمع منها القرآن وصادف منه قلباً نقياً وفطرة سليمة تأثر به ، فأسرع إلى رسول الله يعلن إسلامه . إذن : فقولكم : { إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا … } [ الفرقان : 42 ] دليل على أنه كُفْء للمهمة التي بعث بها ، وهذا يناقض قولكم سخريةً منه واستهزاءً : { أَهَـٰذَا ٱلَّذِي بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً } [ الفرقان : 41 ] . وقولهم : { لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا … } [ الفرقان : 42 ] يدل على أنه صلى الله عليه وسلم فعل معهم أفعالاً اقتضتْ منهم أنْ يصبروا على الضلال { وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً } [ الفرقان : 42 ] سيعرفون ذلك ، لكن بعد فوات الأوان ، وبعد ألاَّ تنفعهم هذه المعرفة .