Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 70-70)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فربُّكم كريم ورحيم ، إنْ تُبتْم تاب عليكم وقَبِلكم ، فإنْ قدَّمْتُم العمل الصالح واشتدّ ندمكم على ما فات منكم من معصية يُبدِّل سيئاتكم حسنات . وللتوبة أمران : مشروعيتها من الله أولاً ، وقبولها من صاحبها ثانياً ، فتشريعها فَضْل ، وقبولها فَضْل آخر لذلك يقول سبحانه : { ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوۤاْ … } [ التوبة : 118 ] والمعنى : تاب عليهم بأنْ شرَّع لهم التوبة حتى لا يستحُوا من الرجوع إلى الله . وقوله تعالى : { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً … } [ الفرقان : 70 ] تاب وآمن لمن عمل معصية تُخرجه عن الإيمان ، فالعاصي لم يقارف المعصية إلا في غفلة عن إيمانه ، كما جاء في الحديث الشريف : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن " . ولو استحضر العاصي جلالَ ربه ما عصاه ، ولتضخمتْ عنده المعصية فانصرف عنها ، وما دام قد غاب عنه إيمانه فلا بُدَّ له من تجديده ، ثم بعد ذلك يُوظِّف هذا الإيمان في العمل الصالح . { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً … } [ الفرقان : 70 ] فالجزاء { فَأُوْلَـٰئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ … } [ الفرقان : 70 ] وليس المراد أن السيئة تُبدَّل فتصير حسنة مباشرة ، إنما يرفع العبد السيئة ويحل محلها التوبة ، وبعد التوبة يضع الله له الحسنة . وقد أطمعتْ رحمة الله ومغفرته بعض الناس ، حتى قال الشاعر : @ مَوْلاَي إنِّي قَدْ عصيتُكَ عَامِداً لأراكَ أجملَ ما تكُون غَفُوراً وَلَقْد جنيْتُ مِنَ الذُّنُوبِ كبَارَهَا ضَنّاً بعفْوِك أنْ يكُونَ صَغِيراً @@ حتى وصل الحال ببعضهم أنْ يستكثر من السيئة طمعاً في أن تُبدَّل حسنات ، لكن مَنْ يضمن له أن يعيش إلى أنْ يتوب ، أو أنه إنْ تاب قَبِل الله منه ؟ والعلة النفسية التي تكلَّم عنها العلماء في هذه المسألة أن الذي ابتعد عن المعصية فلم يقع في شراكها لم يدرك لذة الشهوة ، فلا تَأْتِي على باله ، أمّا مَنْ خاض فيها ، وذاق لذتها ، وأسرف فيها على نفسه فيعاني كثيراً حينما يحجز نفسه وينأى به عن معصية الله ، فهذه المعاناة هي التي جعلتْ له هذه المنزلة .