Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 69-69)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

كيف نفهم مضاعفة العذاب في هذه الآية مع قوله تعالى في آية أخرى : { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا … } [ الشورى : 40 ] . ويقول سبحانه : { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَىۤ إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } [ الأنعام : 160 ] . الحقيقة لا يُوجد تناقض بين آيات القرآن الكريم ، فالذي يرتكب هذه الفِعْلة يكون أسْوة في المجتمع تُجرِّىء الغير على ارتكاب هذه الجريمة لذلك عليه وزْرة كفاعل أولاً ، وعليه وِزْر مَنِ اقتدى به . كما جاء في قوله تعالى حكايةً عن الكافرين : { إِنَّا وَجَدْنَآ آبَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ } [ الزخرف : 23 ] إذن : فوجود الآباء كقدوة للشر يزيد من شرِّ الأبناء ، فكأنهم شركاء فيه . لذلك يقول الله تعالى في موضع آخر : { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ … } [ النحل : 25 ] . وقال : { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ … } [ العنكبوت : 13 ] . فالوِزْر الأول لضلالهم في ذاته ، والوِزْر الآخر لأنهم أضلّوا غيرهم ، هذا هو المراد بمضاعفة العذاب . وقوله تعالى : { وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً } [ الفرقان : 69 ] معنى مُهَاناً : حينما وصف القرآن العذاب وصفه مرةً بأنه أليم ، ومرةً عظيم ، ومرة مُهين . فالذي ينظر إلى إيلام الجوارح يقول : هذا عذاب أليم لأنه يُؤلم كل جارحة فيه ، فالعذاب أمر حِسيّ ، أما الإهانة فأمر معنوي ، ومن الناس مَنْ تؤلمه كلمة تنال من كرامته ، ومنهم مَنْ يُضرب فلا يؤثر فيه . والخالق - عز وجل - خلق الناس وعلم أزلاً أنهم أبناء أغيار ، ليس معصوماً منهم إلا الرسل ، إذن : فالسيئة مُحْتملة منهم . ومن تمام رحمته تعالى بربوبيته أنْ فتح باب التوبة لعباده ، لمن أسرف منهم على نفسه في شيء لأن صاحب السيئة إنْ يئس من المغفرة استشرى خطره وزاد فساده ، لكن إنْ فتحتَ له باب التوبة والمغفرة عاد إلى الجادة ، واستقام على الطاعة ، وفي هذا رحمة بالمجتمع كله . يقول تعالى : { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً … } .