Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 105-105)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
القوم : هم الرجال خاصة ، وسُمُّوا قوماً لأنهم هم الذين يقومون بأهم الأشياء ، ويقابل القوم النساء ، كما جاء شرح هذا المعنى في قوله سبحانه : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ … } [ الحجرات : 11 ] . فالرجال هم القوم لأنهم يقومون بأهم الأمور ، وعليهم مدار حركة الحياة ، والنساء يستقبلْنَ ثمار هذه الحركة ، فينفقونها بأمانة ويُوجِّهونها التوجيه السليم . والشاعر العربي أوضح هذا المعنى بقوله : @ وَمَا أَدْرِي ولسْتُ إخَاَلُ أدْرِي أَقْوْمٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِسَاءُ @@ ونفهم أيضاً هذه القِوامة للرجل من قَوْل الله تعالى حينما وعظ آدم وحذَّره من الشيطان : { إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ … } [ طه : 117 ] وحسب القاعدة نقول : فتشقيا . لكن الحق - تبارك وتعالى - يقول : { فَتَشْقَىٰ } [ طه : 117 ] أنت يا آدم وحدك في حركة الحياة ، فالرجل يتحمل هذه المشقة ويكرم المرأة أن تُهَان أو تشقى ، لكن ماذا نفعل وهي تريد أن تُشقِي نفسها ؟ ! ونلحظ أن الآية تقول : { كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ الشعراء : 105 ] كيف وهم ما كذّبوا إلا رسولهم نوحاً عليه السلام ؟ وكانوا مؤمنين قبله بآدم وإبراهيم مثلاً . قالوا : لأن الرسل عن الله إنما جاءوا في أصول ثابتة في العقيدة وفي الأخلاق لا تتغير في أي دين لذلك فمن كذَّب رسوله فكأنه كذَّب كل الرسل ، ألاَ ترى أن من أقوال المؤمنين أن يقولوا : { قُلْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } [ آل عمران : 84 ] . وقال تعالى : { آمَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَٱلْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِٱللَّهِ وَمَلاۤئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ … } [ البقرة : 285 ] . فإنْ قُلْتَ : فماذا عن اختلاف المناهج والشرائع من نبي لآخر ؟ نقول : هذه اختلافات في مسائل تقتضيها تطورات المجتمعات ، وهي فرعيات لا تتصل بأصل العقائد والأخلاق الكريمة . لذلك نجد هذه لازمة في كُلِّ مواكب الرسالات ، يقول : المرسِلِين ، المرسَلِين لأن الذي يُكذِّب رسوله فيما اتفق فيه الأجيال من عقائد وأخلاق ، فكأنه كذّب جميع المرسلين .