Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 131-131)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : أن ربكم - عز وجل - لم يترككم على ما أنتم عليه من الضلال تعبثون بالآيات ، وتتخذون مصانع تطلبون الخلود ، وأنكم بطشتم جبارين ، وها هو يدعوكم : { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } [ الشعراء : 131 ] فتقوى الله تعالى وطاعته كفيلة أنْ تُذهب ماضيكم وتمحو ذنوبكم ، بل وتُبدِّله خيراً وصلاحاً { إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ … } [ هود : 114 ] . وأنا حين أُوصيكم بتقوى الله وطاعته ، لا أوصيكم بهذا لصالحي أنا ، فلا أقول لكم ، اتقوني أو أطيعوني ولن أنتفع من طاعتكم بشيء . كذلك الحق - تبارك وتعالى - غني عنكم وعن طاعتكم لأن له سبحانه صفات الكمال المطلق قبل أن يخلق الخَلْق ، فهو سبحانه متصف بالخَلْق قبل أن يخلق ، وبالقدرة قبل أن يُوجَد المقدور عليه … إلخ . إذن : فوجودكم لم يَزِدْ شيئاً في صفاته تعالى ، وما كانت الرسالات إلا لمصلحتكم أنتم ، فإذا لم تطيعوا أوامر الله ، وتأخذوا منهجه ، لأنه يفيدكم فأطيعوه جزاءَ ما أنعم عليكم من نِعَم لا تُعدُّ ولا تُحصَى ، فالإنسان طرأ على كون أُعِدَّ لاستقباله وهُيِّىء لمعيشته ، وخلق له الكون كله : سماءً ، فيها الشمس والقمر والنجوم والسحاب والمطر ، وأرضاً فيها الخصب والماء والهواء . هذا كله قبل أن تُوجَد أنت ، فطاعتك لله - إذن - ليست تفضُّلاً منك ، إنما جزاء ما قدَّم لك من نِعَم . وعجيب أن ترى هذه المخلوقات التي جُعِلَتْ لخدمتك أطول عمراً منك ، فالإنسان قد يموت يوم مولده ، وقد يعيش عدة أيام أو عدة سنوات ، أمّا الشمس مثلاً فعمرها ملايين السنين ، وهي تخدمك دون سلطان لك عليها ، ودون أن تتدخل أنت في حركتها . ثم يقول تعالى : { وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِيۤ أَمَدَّكُمْ … } .