Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 137-137)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
إنْ : بمعنى ما النافية ، يعني : ما هذا الذي جئتَ به إلا { خُلُقُ … } [ الشعراء : 137 ] الأولين يعني : عادة مَنْ سبقوك واختلاقهم ، يقصدون الرسل السابقين ، كما قالوا : { لَقَدْ وُعِدْنَا هَـٰذَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [ النمل : 68 ] . وقالوا : { مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَآ أَنَزلَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ } [ يس : 15 ] . فوصفوا نبيهم ، ومَنْ سبقوه من الرسل بالكذب والاختلاق وإيجاد شيء لم يكن موجوداً . والخُلُق : صفة ترسخ في النفس تصدر عنها الأفعال بيُسْر وسهولة ، والصفات التي يكتسبها الإنسان لا تعطي مهارة من أول الأمر ، بل تعطي مهارة بعد الدُّرْبة عليها ، فتصير عند صاحبها كالحركة الآلية لا تحتاج منه إلى مجهود أو معاناة . وسبق أن ضربنا مثلاً بالصبي الذي يتعلم مثلاً الحياكة ، وكم يعاني ويضربه معلمه في سبيل تعلُّم لضم الخيط في الإبرة ، حتى إذا ما تعلمها الصبي وأجادها تراه فعل ذلك تلقائياً ، ودون مجهود وربما وهو مُغْمض العينين . وأنت حينما تتعلم قيادة السيارة مثلاً لأول مرة ، كم تعاني وتقع في أخطاء وأخطار ؟ لكن بعد التدريب والدُّرْبة تستطيع قيادتها بمهارة ، وكأنها مسألة آلية ، وكذلك الخُلُق المعنوي ، مثل هذه الدُّرْبة والآلية في الماديات . إذن : { خُلُقُ ٱلأَوَّلِينَ } [ الشعراء : 137 ] يعني : دعوى ادعوْهَا جميعاً - أي : الرسل . وفي قراءة أخرى تُوجه للمرسل إليهم بفتح الخاء وسكون اللام خُلْق أي : اختلاق والمعنى : نحن كمن سبقونا من الأمم لا نختلف عنهم : { إِنَّا وَجَدْنَآ آبَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ } [ الزخرف : 23 ] . وهؤلاء السابقون قالوا : { مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ ٱلدَّهْرُ … } [ الجاثية : 24 ] . فهذه الصفة أصبحت عندنا ثابتة متأصِّلة في النفس ، فلا تحاول زحزحتنا عنها ، فالمراد : نحن مثل السابقين لا نؤمن بمسألة البعث ، فأرح نفسك ، فلن يجديَ معنا وعْظُك .