Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 141-141)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
بعد أن ذكر طرفاً من قصة إبراهيم وموسى ونوح وهود عليهم السلام ذكر قصة ثمود قوم صالح عليه السلام ، وقد تكررتْ هذه اللقطات في عدة مواضع من كتاب الله ذلك لأن القرآن في علاجه لا يعالج أمةً واحدة في بيئة واحدة بخُلق واحد ، إنما يعالج عالماً مختلف البيئات ومختلف الداءات ومختلف المواهب والميول . فلا بُدَّ أن يجمع الله له الرسل كلهم ، ليأخذ من كل واحد منهم لقطة لأنه سيكون منهجاً للناس جميعاً في كُلِّ زمان وفي كُلِّ مكان ، أمّا هؤلاء الرسل الذين جمعهم الله في سياق واحد فلم يكونوا للناس كافة ، إنما كل واحد منهم لأمة بعينها ، ولقابل واحد في زمن مخصوص ، ومكان مخصوص . لقد بُعث محمد صلى الله عليه وسلم ليكون رسولاً يجمع الدنيا كلها على نظام واحد ، وخُلق واحد ، ومنهج واحد ، مع تباين بيئاتهم ، وتباين داءاتهم ومواهبهم . إذن : لا بُدَّ أن يذكر الحق - تبارك وتعالى - لرسوله صلى الله عليه وسلم طرفاً من سيرة كل نبي سبقه . لذلك قال سبحانه : { وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ … } [ هود : 120 ] . ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكُنْ في حاجة لأن يُثبِّت الله فؤاده مرة واحدة ، إنما كلّما تعرّض لموقف احتاج إلى تثبيت ، فيُثّبته الله ، يقول له : تذكّر ما كان من أمر إبراهيم ، وما كان من أمر نوح وهود … إلخ فكان تكرار القصص لتكرار التثبيت ، فالقصة في القرآن وإنْ كانت في مجموعها مكررة ، إنما لقطاتها مختلفة تؤدي كُلٌّ منها معنى لا تؤديه الأخرى . وهنا يقول سبحانه كما قال عن الأمم السابقة : { كَذَّبَتْ ثَمُودُ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ الشعراء : 141 ] لأن الرسل جميعاً إنما جاءوا بعقيدة واحدة ، لا يختلف فيها رسول عن الآخر ، وصدروا من مصدر واحد ، هو الحق تبارك وتعالى ، ولا يختلف الرسل إلا في المسائل الاجتماعية والبيئية التي تناسب كلاً منهم . لذلك يقول تعالى : { إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ نُوحٍ وَٱلنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ … } [ النساء : 163 ] . وقال تعالى : { شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ … } [ الشورى : 13 ] . ثم يقول الحق سبحانه : { إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ … } .