Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 15-15)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
كَلاَّ تفيد نَفْي ما قبلها ، وقبلها مسائل ثلاث : { أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ } [ الشعراء : 12 ] ، { وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِي … } [ الشعراء : 13 ] ، { فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } [ الشعراء : 14 ] فعلى أيٍّ منها ينصَبُّ هذا النفي ؟ النفي هنا يتوجَّه إلى ما يتعلق بموسى - عليه السلام - لا بما يتعلق بالقوم من تكذيبهم إياه ، يقول له ربه : اطمئن ، فلن يحدث شيء من هذا كله . ولا ينصبُّ النفي على تكذيبهم له لأنه سيُكذَّب لذلك نرى دقة الأداء القرآني حيث جاءت { أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ } [ الشعراء : 12 ] في نهاية الآية ، وبعدها كلام جديد { وَيَضِيقُ صَدْرِي … } [ الشعراء : 13 ] وهو المقصود بالنفي . وقد بيَّنَتْ سورة الفجر معنى كلا بوضوح في قوله تعالى { فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ * وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَهَانَنِ } [ الفجر : 15 - 16 ] . فيقول تعالى بعدها رداً عليها { كَلاَّ … } [ الفجر : 17 ] يعني : ليس الإعطاء دليلَ إكرام ، ولا المنعُ دليلَ إهانة ، إنما المراد الابتلاء بالنعمة وبالنقمة . وكيف يكون الأمر كما تظنون ، وقد أعطاكم الله فبخلتُم ، وأحببتم المال حُبّا جماً ، فلم تنفقوا منه على اليتيم أو المسكين ، بل تنافستُم في جَمْعه حتى أكلتم الميراث ، وأخذتم أموال الناس . إذن : فالمال الذي أكرمكم الله به لم يكُنْ نعمة لكم لأنكم جعلتموه نقمة ووبالاً ، حين أُعطيتم فمنعتم . وكلمة كَلاَّ هذه أصبح لها تاريخ مع موسى - عليه السلام - فقد تعلَّمها من ربه ، ووعى درسها جيداً ، فلما حُوصِر هو وأتباعه بين البحر من أمامهم ، وفرعون وجنوده من خلفهم ، حتى أيقن أتباعه أنهم مُدْركون هالكون ، قالها موسى عليه السلام بملء فيه { قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } [ الشعراء : 62 ] . وقوله تعالى : { فَٱذْهَبَا بِآيَاتِنَآ … } [ الشعرءا : 15 ] الآيات هنا يُقصَد بها المعجزات الدالة على صِدْقهما في البلاغ عن الله ، وهي هنا العصا { إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ } [ الشعراء : 15 ] كما قال لهما في موضع آخر : { إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وَأَرَىٰ } [ طه : 46 ] . فمرّة يأتي بالسمع فقط ، ومرّة بالسمع والرؤية ، لماذا ؟ لأن موقفه مع فرعون في المقام الأول سيكون جدلاً ونقاشاً ، وهذا يناسبه السمع ، وبعد ذلك ستحدث مقامات في فعل و عمل في مسألة السحر وإلقاء العصا ، وهذا يحتاج إلى سمع وإلى بصر لأن الإيذاء قد يكون من السمع فقط في أول اللقاء ، وقد يكون من السمع والعين فيما بعد .