Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 189-189)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فكيف يُكذّبونه ، وهو لم ينسب الأمر لنفسه ، ووكلهم إلى ربهم إذن : فهم لا يُكذِّبونه إنما يُكذِّبون الله لذلك يأتي الجزاء : { فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ ٱلظُّلَّةِ … } [ الشعراء : 189 ] . وهو عذاب يوم مشهود ، حيث سلط الله عليهم الحرارة الشديدة سبعة أيام ، عاشوها في قيظ شديد ، وقد حجز الله عنهم الريح إلا بمقدار ما يُبقي رَمَق الحياة فيهم ، حتى اشتد عليهم الأمر وحميَتْ من تحتهم الرمال ، فراحوا يلتمسون شيئاً يُروِّح عنهم ، فرأوا غمامة قادمة في جو السماء فاستشرفوا لها وظنوها تخفف عنهم حرارة الشمس ، وتُروِّح عن نفوسهم ، فلما استظلُّوا بها ينتظرون الراحة والطمأنينة عاجلتهم بالنار تسقط عليهم كالمطر . على حَدِّ قوْل الشاعر : @ كَمَا أمطَرتْ يَوْماً ظماءً غمامةٌ فلمَّا رَأؤْهَا أقشعَتْ وتجلَّتِ @@ ويا ليت هذه السحابة أقشعت وتركتهم على حالهم ، إنما قذفتهم بالنار والحُمَم من فوقهم ، فزادتهم عذاباً على عذابهم . كما قال سبحانه في آية أخرى : { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ … } [ الأحقاف : 24 - 25 ] . لذلك وصف الله عذاب هذا اليوم بأنه { إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [ الشعراء : 189 ] فما وَجْه عظمته وهو عذاب ؟ قالوا : لأنه جاء بعد استبشار واسترواح وأمل في الراحة ، ففاجأهم ما زادهم عذاباً ، وهذا ما نسميه " يأس بعد إطماع " وهو أنكَى في التعذيب وأشقّ على النفوس .