Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 198-199)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لقد أنزلنا القرآن بلسان عربي على أمة عربية ، ولو أنزلناه على الأعاجم ما فهموه . وقال الحق وسبحانه وتعالى في موضع آخر : { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءَاْعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَـٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } [ فصلت : 44 ] . لماذا ؟ لأن المستقبل مقفول ، فإنْ أردتَ استقبال أيِّ قضية فعليك أنْ تُخرِج من قلبك أيّ قضية أخرى معارضة لها ، ثم بعد ذلك لك أنْ تدرس القضيتين ، فما وافق الحق فأدخِلْه . لذلك يقول تعالى : { مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ … } [ الأحزاب : 4 ] فهو قلب واحد ، لذلك أخرج منه كل قضية سابقة ، وها هو القرآن واحد ، وقائله واحد ، ومُبلِّغه واحد ، ولسانه عربي . يقول تعالى في وصفهم حالَ سماع القرآن : { وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ ٱنصَرَفُواْ صَرَفَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } [ التوبة : 127 ] أي : يريدون التسلُّل والخروج . ويقول تعالى في آية أخرى : { وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـٰذِهِ إِيمَاناً … } [ التوبة : 124 ] أي : ماذا أفادتكم ؟ وماذا زادتْ في إيمانكم . ويقول سبحانه : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ } [ محمد : 16 ] يعني : ما الجديد الذي جاء به ؟ ويقول عن الذين آمنوا : { وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ } [ محمد : 17 ] . و { ٱلأَعْجَمِينَ } [ الشعراء : 198 ] جمع : أعجمي ، والأعجم هو الذي لا يُحسِن الكلام العربي ، وإنْ كان ينطق به ، والعجميّ ضد العربيّ والعجم غير العرب . فالمعنى { وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ … } [ الشعراء : 198 ] أي : القرآن العربي على بعض الأعجمين ما فهمه ، وقال { بَعْضِ … } [ الشعراء : 198 ] لمراعاة الاحتمال ، فمن العجم مَنْ تعلَّم العربية وأجادها ويستطيع فَهْم القرآن . وقوله تعالى : { فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ } [ الشعراء : 199 ] لأنهم لم يفهموا منه شيئاً ، فكذلك أنتم مثل هؤلاء العجم في تلقِّي واستقبال كلام الله ، لم تفهموا منه شيئاً . ذلك لأنهم أحبوا الكفر والعناد وأصرُّوا عليه ، واستراحتْ إليه قلوبهم حتى عَشِقوه ، فأعانهم الله عليه ، وختم على قلوبهم ، فلا يدخلها إيمانٌ ، ولا يخرج منها كفر .