Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 3-3)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذه هي التسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه حمّل نفسه في تبليغ الرسالة فوق ما يُطيق ، وفوق ما يطلبه الله منه حِِرْصاً منه على هداية الناس ، وإرجاعهم إلى منهج الله ليستحقوا الخلافة في الأرض ، ولأن من شروط الإيمان أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك . والحق - تبارك وتعالى - يُسلِّي رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما قال له في سورة الكهف : { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً } [ لكهف : 6 ] . كأن ترى ولدك يُرهق نفسه في المذاكرة ، فتشفق عليه أنْ يُهلك نفسه ، فأنت تعتب عليه لصالحه ، كذلك الحق - تبارك وتعالى - يعتب على رسوله شفقة وخوفاً عليه أنْ يُهلِك نفسه . ومعنى { بَاخِعٌ … } [ الشعراء : 3 ] البخع : الذَّبْح الذي لا يقتصر على قَطْع المرىء والودجين ، إنما يبالغ فيه حتى يفصل الفقرات ، ويخرج النخاع من بينها ، والمعنى : تحزن حزناً عميقاً يستولي على نفسك حتى تهلك ، وهذا يدل على المشقة التي كان يعانيها الرسول صلى الله عليه وسلم من تكذيب قومه له . وفي موضع آخر ، يقول سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم : { فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ … } [ فاطر : 8 ] فهذا أمر نهائي واضح ، ونَهْي صريح ، بعد أنْ لفتَ نظره بالإنكار ، فقال : { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ … } [ الشعراء : 3 ] . وقد نبّه الله تعالى رسوله في عِدّة مواضع حتى لا يُحمِّل نفسه فوق طاقتها ، فقال الحق سبحانه وتعالى : { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ } [ الرعد : 40 ] . وقال : { لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ } [ الغاشية : 22 ] . وقال : { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ … } [ ق : 45 ] . فالحق - تبارك وتعالى - يقول لرسوله : يسِّر على نفسك ، ولا تُكلِّفها تكليفاً شاقّاً مُضْنياً ، والعتاب هنا لصالح الرسول ، لا عليه . ثم يقول الحق سبحانه : { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ … } .