Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 47-48)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وحين نتأمل ردَّ فِعْل السحرة هنا نجد أنهم خرُّوا لله ساجدين أولاً ، ثم أعلنوا إيمانهم ثانياً ، ومعلوم أن الإيمان يسبق العمل ، وأن السجود لا يتأتى إلا بعد إيمان ، فكيف ذلك ؟ قالوا : هناك فَرْق بين وقوع الإيمان ، وبين أنْ تخبر أنت عن الإيمان ، فالمتأخر منهم ليس الإيمان بل الإخبار به لأنهم ما سجدوا إلا عن إيمان واثق ينجلي معه كل شكٍّ ، إيمان خطف ألبابهم وألقاهم على الأرض ساجدين لله ، حتى لم يمهلهم إلى أنْ يعلنوا عنه ، لقد أعادهم إلى الفطرة الإيمانية في النفس البشرية ، والمسائل الفطرية لا علاجَ للفكر فيها . وكأن سائلاً سألهم : لِمَ تسجدون ؟ قالوا : { آمَنَّا بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ } [ الشعراء : 47 - 48 ] . وقالوا : ربّ موسى وهارون بعد رب العالمين ، ليقطعوا الطريق على فرعون وأتباعه أن يقول مثلاً : أنا رب العالمين ، فأزالوا هذا اللبْس بقولهم { رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ } [ الشعراء : 48 ] . ومثال ذلك قول بلقيس عندما رأت عرشها عند سليمان - عليه السلام - لم تقل : أسلمت لسليمان ، إنما قالت : { وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ النمل : 44 ] فأنا وأنت مسلمان لإله واحد هو الله رب العالمين ، وهكذا يكون إسلام الملوك ، وحتى لا يظن أحد أنها إنما خضعتْ لسليمان لذلك احتاطتْ في لفظها لتزيل هذا الشك .