Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 44-44)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الصَّرْح : إما أن يكون القصر المشيد الفخم ، وإما أن يكون البهو الكبير الذي يجلس فيه الملوك مثل : إيوان كسرى مثلاً ، فلما دخلتْ { حَسِبَتْهُ لُجَّةً … } [ النمل : 44 ] ظنَّته ماءً ، والإنسان إذا رأى أمامه ماءً أو بَلَلاً يرفع ثيابه بعملية آلية قَسْرية حتى لا يصيبه البَلَل لذلك كشفتْ بلقيس عن ساقيها يعني : رفعتْ ذَيْل ثوبها . وهنا نَبهها سليمان { إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوارِيرَ … } [ النمل : 44 ] يعني : ادخلي لا تخافي بللاً ، فهذا ليس لُجةَ ماء ، إنما صَرْح ممرد من قوارير يعني : مبنيٌّ من الزجاج والبللور أو الكريستال ، بحيث يتموج الماء من تحته بما فيه من أسماك . { قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي … } [ النمل : 44 ] بالكفر أولاً ، وبظنِّ السوء في سليمان ، وأنه يريد أنْ يُغرقني في لجة الماء { وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ النمل : 44 ] ويبدو أنها لم تنطق بكلمة الإسلام صريحة إلا هذه المرة ، وأن القول السابق { وَكُنَّا مُسْلِمِينَ } [ النمل : 42 ] كان من كلام سليمان عليه السلام . وقولها { وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ … } [ النمل : 44 ] مثل قول سَحَرة فرعون لما رأوا المعجزة : { آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ } [ طه : 70 ] لأن الإيمان إنما يكون بالله والرسول دال على الله ، لذلك قالت : { وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ … } [ النمل : 44 ] ولم تقُلْ : أسلمتُ لسليمان ، نعم لقد دانتْ له ، واقتنعتْ بنبوته ، لكن كبرياء الملك فيها جعلها لا تخضع له ، وتعلن إسلامها لله مع سليمان لأنه السبب في ذلك ، وكأنها تقول له : لا تظن أنِّي أسلمتُ لك ، إنما أسلمتُ معك ، إذن : أنا وأنت سواء ، لا يتعالى أحد منا على الآخر ، فكلانا عبد لله . وقد دخل هذه القصة بعض الإسرائيليات ، منها أن سليمان - عليه السلام - جعل الصرح على هذه الصورة لتكشف بلقيس عن ساقيها لأنه بلغه أنها مُشْعِرة الساقين ، إلى غير هذا من الافتراءات التي لا تليق بمقام النبوة . ثم يأتي بنا الحق سبحانه إلى نبي آخر في موكب الأنبياء : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ ثَمُودَ … } .