Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 87-87)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وكأن الله تعالى يقول لي : التفتْ إلى العبرة في الآيات الكونية ، حيث ستنفعك في يوم آت هو يوم القيامة { وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ … } [ النمل : 87 ] وهو البوق { فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ … } [ النمل : 87 ] والفزع : الخوف الشديد الذي يأخذ كلَّ مَنْ في السماوات ، وكل مَنْ في الأرض { إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ … } [ النمل : 87 ] قالوا : هم الملائكة : إسرافيل الذي ينفخ في الصور ، وجبريل ، وميكائيل ، وعزرائيل . لذلك لما تكلم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسألة الصعق هذه قال : " فأفيق من الصعقة فأجد أخي موسى ماسكاً بالعرش " ذلك لأن موسى عليه السلام صعق في الدنيا مرة حين تجلَّى ربه للجبل ، كما حكى القرآن : { فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَىٰ صَعِقاً … } [ الأعراف : 143 ] . وما كان الله تعالى ليجمع على نبيه موسى عليه السلام صعقتين ، لذلك لم يُصعَق صعقة الآخرة . وقوله سبحانه : { وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ } [ النمل : 87 ] أي : صاغرين أذلاء ، لا يتأبى على الله منهم أحد ، حيث لا قدرةَ له على ذلك لأن القيامة أنهتْ الاختيار الذي كان لهم في الدنيا ، وبه ملّكهم الله شيئاً من المِلْك : { قُلِ ٱللَّهُمَّ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ تُؤْتِي ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ … } [ آل عمران : 26 ] . فأعطى الله تعالى طرفاً من الملْك ، ووهبه لبعض عباده في دنيا الأسباب والاختيار ، أمَّا في الآخرة فالملْك لله تعالى وحده ، لا ينازعه فيه أحد : { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [ غافر : 16 ] . في القيامة يُنزع منك كلّ شيء تملكه وكلّ قدرة لك على ما تملك حتى جوارحك لا قدرةَ لك عليها ، ولا إرادةَ لتنفعل لك ، هي تبع إرادتك في الدنيا ، وبها ترى وتسمع وتمشي وتبطش ، أمَّا في الآخرة فقد سُلِبت منك هذه الإرادة ، بدليل أنها ستشهد عليك ، وتُحاجّك يوم القيامة . ثم ينتقل السياق بنا مرة أخرى إلى آية كونية : { وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا … } .