Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 92-92)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أنت حين تقرأ القرآن في الحقيقة لا تقرأ إنما تسمع ربنا يتكلم ، ومعنى { وَأَنْ أَتْلُوَ ٱلْقُرْآنَ … } [ النمل : 92 ] يعني : استدم أُنْسك بالكتاب الذي كُلِّفت به ، ليدل على أنك من عِشْقك للتكليف ، عشقتَ المكلّف ، فأحببتَ سماعه ، وتلاوة القرآن في ذاتها لذة ومتعة . فأنا سآخذ من تلاوته لذةَ ، وأستديم البلاغ بالقرآن للناس ، وبعد ذلك أنا نموذج أمام أمتي ، كما قال سبحانه : { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ … } [ الأحزاب : 21 ] . يعني : شيء يُقتدى به ، وما دام أن الرسول قدوة ، فكل مقام للرسول غير الرسالة مَنْ سار على قدم الرسول يأخذ منه ، وكذلك مكان كل إنسان في التقوى ، على قَدْر اعتباره واقتدائه بالأُسْوة ، أما الرسالة فدَعْك منها لأنك لن تأخذها . ومعنى { ٱهْتَدَىٰ … } [ النمل : 92 ] أي : وصلتْه الدلالة واقتنع بها { فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ … } [ النمل : 92 ] لأن الله سيعطيه المعونة ، ويزيده هدايةً وتوفيقاً { وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ } [ محمد : 17 ] . إذن : فالهداية والتقوى لا تنفع المشرِّع ، إنما تنفع العبد الذي اهتدى . ثم يذكر المقابل { وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ } [ النمل : 92 ] أنا لا يعنيني إلا أنني من المنذرين ، وأنت إنما تضلّ على نفسك ، وتتحمل عاقبة ضلالك . وبعد أنْ أتممتَ ما خاطبك ربك به بأنْ تعبدَ ربَّ هذه البلدة وكنتَ من المسلمين ، وبعد أنْ تلوتَ القرآن ، واستدمت الأُنس واللذَّة بسماع الله يتكلم ، ثم بلَّغته للناس ، فإذا فعلتَ كل هذا احمد الله الذي وفَّقك إليه : { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ … } .