Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 32-32)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
معنى { ٱسْلُكْ يَدَكَ … } [ القصص : 32 ] يعني : أدخلها { فِي جَيْبِكَ … } [ القصص : 32 ] الجيب : فتحة الثوب من أعلى ، وسَمَّوْها جَيْباً لأنهم كانوا يجعلون الجيوب مكان حِفْظ الأموال في داخل الثياب حتى لا تُسرق ، فكان الواحد يُدخِل يده في قبَّة الثوب لتصل إلى جيبه . ونلحظ هنا دقة الأداء القرآني { تَخْرُجْ بَيْضَآءَ … } [ القصص : 32 ] ولم يقُلْ بصيغة الأمر : وأخرجها كما قال { ٱسْلُكْ يَدَكَ … } [ القصص : 32 ] وكأن العملية عملية آلية منضبطة بدقة ، فبمجرد أن يُدخِلها تخرج هي بيضاء ، فكأن إرادته على جوارحه كانت في الإدخال ، أما في الإخراج فهي لقدرة الله . وكلمة { بَيْضَآءَ … } [ القصص : 32 ] أي : مُنوّرة دون مرض ، والبياض لا بُدَّ أن يكون عجيباً في موسى - عليه السلام - لأنه كان أسمر اللون لذلك قال { مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ … } [ القصص : 32 ] حتى لا يظنوا به بَرصاً مثلاً ، فهو بياض طبيعي مُعْجِز . وقوله تعالى : { وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ ٱلرَّهْبِ … } [ القصص : 32 ] الجناحان في الطائر كاليدين في الإنسان ، وإذا أراد الإنسان أن يعوم مثلاً يفعل كما يفعل الطائر حين يطير ، فالمعنى : اضمُمْ إليك يديك يذهب عنك الخوف . وهذه العملية يُصدِّقها الواقع ، فنرى المرأة حين ترى ولدها مثلاً يسئ التصرف تضرب صَدْرها وتولول ، وسيدنا ابن عباس يقول : كل من خاف يجب عليه أن يضرب صدره بيديه ليذهب عنه ما يلاقي ، ولك أن تُجرِّبها لتعلم صِدْق هذا الكلام . ومعنى { فَذَانِكَ … } [ القصص : 32 ] ذا : اسم إشارة للمفرد ونقول : ذان اسم إشارة للمثنى ، والكاف للخطاب ، والمراد : الإشارة لمعجزتي العصا واليد { بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ … } [ القصص : 32 ] أي ربك الحق { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ … } [ القصص : 32 ] الرب الباطل ، ولا يمكن أنْ يجتمع الحق والباطل ، لا بد للباطل أنْ يزهق لأنه ضعيف لا يصمد أمام قوة الحق { بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ … } [ الأنبياء : 18 ] . والبرهان : هو الحجة والدليل على صِدْق المبرهَن عليه { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ … } [ القصص : 32 ] لأن فرعون ادَّعى الألوهية ، وملؤه استخفهم فأطاعوه { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } [ القصص : 32 ] أي : جميعاً فرعون والملأ { فَاسِقِينَ } [ القصص : 32 ] أي : خارجين عن الطاعة من قولنا فسقتِ الرُّطَبة يعني : خرجتْ من قشرتها . والمراد هنا الحجاب الديني الذي يُغلِّف الإنسان ، ويحميه ويعصمه أنْ يتأثر بعوامل المعصية ، فإذا انسلخ من هذا الثوب ، ونزع هذا الحجاب ، وتمرَّد على المنهج تكشفتْ عورته ، وبانتْ سَوْءَته .