Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 35-35)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أجابه ربه : { قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ … } [ القصص : 35 ] لأن موسى قال في موضع آخر : { ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِيۤ أَمْرِي } [ طه : 31 - 32 ] وقوله تعالى { سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ … } [ القصص : 35 ] تعبير بليغ يناسب المطلوب من موسى لأن الإنسان يزاول أغلب أعماله أو كلها تقريباً بيديه ، والعضلة الفاعلة في الحمل والحركة هي العَضْد . لذلك حين نمدح شخصاً بالقوة نقول : فلان هذا عضل ، وحين يصاب الإنسان والعياذ بالله بمرض ضمور العضلات تجده هزيلاً لا يقدر على فعْل شيء ، فالمعنى : سنُقوِّيك بقوة مادية . { وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً … } [ القصص : 35 ] هذه هي القوة المعنوية ، وهي قوة الحجة والمنطق والدليل ، فجمع لهما : القوة المادية ، والقوة المعنوية . لذلك قال بعدها { فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا … } [ القصص : 35 ] أي : نُنجيكم منهم ، لكن معركة الحق والباطل لا تنتهي بنجاة أهل الحق ، إنما لا بُدَّ من نُصرْتهم على أهل الباطل ، وفَرْق بين رجل يهاجمه عدوه فيغلق دونه الباب ، وتنتهي المسألة عند هذا الحد ، وبين مَنْ يجرؤ على عدوه ويغالبه حتى ينتصر عليه ، فيكون قد منع الضرر عن نفسه ، وألحق الضرر بعدوه . وهذا هو المراد بقوله تعالى : { أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلْغَالِبُونَ } [ القصص : 35 ] وهكذا أزال الله عنهم سلبية الضرر ، ومنحهم إيجابية الغلبة . ونلحظ توسط كلمة { بِآيَاتِنَآ … } [ القصص : 35 ] بين العبارتين : { فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا … } [ القصص : 35 ] و { أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلْغَالِبُونَ } [ القصص : 35 ] فهي إذن سبب فيهما : فبآياتنا ومعجزاتنا الباهرات ننجيكم ، وبآياتنا ومعجزاتنا ننصركم ، فهي كلمة واحدة تخدم المعنيين ، وهذا من وجوه بلاغة القرآن الكريم . ومن عجائب ألفاظ القرآن كلمة النجم في قوله تعالى : { ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ * وَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } [ الرحمن : 5 - 6 ] فجاءت النجم بين الشمس والقمر ، وهما آيتان سماويتان ، والشجر وهو من نبات الأرض لذلك صلحت النجم بمعنى نجم السماء ، أو النجم بمعنى النبات الصغير الذي لا ساقَ له ، مثل العُشْب الذي ترعاه الماشية في الصحراء . لذلك قال الشاعر : @ أُرَاعِي النَّجْم في سَيْري إليكُمُ وَيرْعَاهُ مِنَ البَيْدا جَوَادِيَ @@ ثم يقول الحق سبحانه : { فَلَمَّا جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا … } .