Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 51-51)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
كلمة { وَصَّلْنَا … } [ القصص : 51 ] تُشعر بأشياء ، انفصل بعضها عن بعض ، ونريد أنْ نُوصِّلها ، فقوله تعالى { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [ القصص : 51 ] أي : وصَّلنا لهم الرسالات ، فكلما انقضى عهد رسول وكفر الناس أتاهم الله برسالة أخرى ليظلَّ الخَلْق مُتصلِين بهدي الخالق وبمنهجه ، أو : أن الأمر خاصٌّ برسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمعنى وصَّلنا له الآيات ، فكلما نزل عليه نجم من القرآن وصَّلنا بنجم آخر حسب الأحداث . لذلك كانت هذه المسألة من الشبهات التي أثارها خصوم رسول الله ، حين قالوا كما حكى عنهم القرآن { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً … } [ الفرقان : 32 ] فردَّ عليهم القرآن ليبين لهم حكمة نزوله مُنجَّماً : { كَذَلِكَ … } [ الفرقان : 32 ] أي : أنزلناه كذلك مُنجَّماً { لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً } [ الفرقان : 32 ] . فلو نزل القرآن جملة واحدة لكان التثبيت لرسول الله مرة واحدة ، وهو محتاج إلى تثبيت مستمر مع الأحداث التي سيتعرَّض لها ، فيوصل الله له الآيات ليظل على ذُكْر من سماع كلام ربه كلما اشتدتْ به الأحداث ، فيأتيه النجم من القرآن لَيُسلِّيه ، ويُسرِّي عنه ما يلاقي من خصومه . وحكمة أخرى في قوله : { وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً } [ الفرقان : 32 ] فكلما نزل قِسْط من القرآن سَهُلَ عليهم حفظه وترتيبه والعمل به ، كما أن المؤمنين المأمورين بهذا المنهج ستستجدِّ عليهم قضايا ، وسوف يسألون فيها رسول الله ، فكيف سيكون الجواب عليها إنْ نزل القرآن جملة واحدة . لا بُدَّ أن يتأخر الجواب إلى أنْ يطرأ السؤال لذلك يقول تعالى : { وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِٱلْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً } [ الفرقان : 33 ] . وقد ورد الفعل يسألونك في القرآن عدة مرات في سور شتى ، فكيف تتأتى لنا الإجابة لو جاء القرآن كما تقولون جملة واحدة ، ثم سبحان الله هل أطقتموه مُنجَّماً حتى تطلبوه جملة واحدة ؟ ثم تختم الآية بحكمة أخرى : { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [ القصص : 51 ] فكلما نزل نجم من القرآن ذكَّرهم بما غفلوا عنه من منهج الله . ثم يقول الحق سبحانه : { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ … } .