Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 43-43)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فمَنْ يسمع المثل من الله تعالى ثم لا يعقله فليس بعالم لذلك ليسوا علماء الذين اعترضوا على قوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا … } [ البقرة : 26 ] حيث استقلُّوا البعوضة ، ورأوها لا تستحق أنْ تُضرب مثلاً . ونقول لهم : أنتم لستم عاقلين ولا عالمين بدقة المثل ، واقرأوا : { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ … } [ الحج : 73 ] بل وأكثر من ذلك : { وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ … } [ الحج : 73 ] . دَعْك من مسألة الخَلْق ، وتعالَ إلى أبسط شيء في حركة حياتنا إذا وقع الذباب على طعامك ، فأخذ منه شيئاً أتستطيع أن تسترده منه مهما أُوتيتَ من القوة والجبروت ؟ إذن : فالذبابة ليست شيئاً تافهاً كما تظنون ، بل وأقلّ منها الناموس والميكروب وغيره مما لا يُرَى بالعين المجردة مخلوقات لله ، فيها أسرار تدلُّ على قدرته تعالى . كما قال سبحانه : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا … } [ البقرة : 26 ] أي : ما فوقها في الصِّغَر ، ولك أن تتأمل البعوضة ، وهي أقلّ حجماً من الذباب ، وكيف أن لها خرطوماً دقيقاً ينفذ من الجلد ، ويمتصّ الدم الذي لا تستطيع أنت إخراجه إلا بصعوبة ، والميكروب الذي لا تراه بعينك المجردة ومع ذلك يتسلل إلى الجسم فيمرضه ، ويهدّ كيانه ، وربما انتهى به إلى الموت . إذن : ففي هذه المخلوقات الحقيرة في نظرك عبر وآيات ، لكن لا يعقلها إلا العالمون ، ومعظم هذه الآيات والأسرار اكتشفها غير مؤمنين بالله ، فكان منهم مَنْ عقلها فآمن ، ومَنْ لم يعقلها فظلَّ على كفره على أنه أَوْلَى الناس بالإيمان بالله لأن لديه من العلم ما يكتشف به أسرار الخالق في الخَلْق . لذلك جاء في الأثر : " العالم الحق هو الذي يعلم مَنْ خلقه ، ولِمَ خلقه " . ثم يقول الحق سبحانه : { خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَاوَاتِ … } .