Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 57-57)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني : إنْ كنتم ستقولون - وقد قالوا بالفعل - ليس لنا في المدينة دار ولا عقار ، وليس لنا فيها مصادر رزق ، وكيف نترك أولادنا وبيئتنا التي نعيش فيها ، فاعلموا أنكم ولا بُدَّ مفارقون هذا كله ، فإنْ لم تُفارقوها وأنتم أحياء فسوف تفارقونها بالموت لأن { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ … } [ العنكبوت : 57 ] . ومَنْ يدريكم لعلكم تعودون إلى بلدكم مرة أخرى ، كما قال الله لرسوله : { إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ … } [ القصص : 85 ] . وعلى فَرْض أنكم لن تعودوا إليها فلن يُضيركم شيء لأنكم لا بُدَّ مفارقوها بالموت . وكأن الحق - تبارك وتعالى - يخفف عنهم ما يلاقونه من مفارقة الأهل والوطن والمال والأولاد . كما أننا نلحظ في قوله سبحانه { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ … } [ العنكبوت : 57 ] بعد { إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ … } [ العنكبوت : 56 ] أن الخواطر التي يمكن أن تطرأ على النفس البشرية حين يُشرِّع الله أمراً يهيج هذه الخواطر مثل { إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ … } [ العنكبوت : 56 ] وما تثيره في النفس من حب الجمع والتملّك يجعل لك مع الأمر ما يهبِّط هذه الخواطر . { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ … } [ العنكبوت : 57 ] حتى لا نطمعَ في حطام الدنيا ، ويُلهينا إغراء المال والهجرة لجمعه ، فالنهاية بعد ذلك كله الموت ، وفقدان كل ما جمعت . وهذه القضية واضحة في قوله سبحانه : { إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا … } [ التوبة : 28 ] . فلما أراد الله تعالى أن يُنهي وجود المشركين في البيت الحرام علم سبحانه أن المسلمين سيحسبون النتيجة المادية لمنع المشركين من دخول الحرم ، وأنها ستؤثر على تجارتهم وأرزاقهم في مواسم التجارة والحج . لذلك قال بعدها مباشرة : { وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ … } [ التوبة : 28 ] فساعةَ يقرأونها في التشريع يعلمون أن الله اطَّلع على ما في نفوسهم ، وجاءهم بالردِّ عليه حتى لا يتكلموا به ، وهذا يعني أن التشريع يأتي ليعالج كل خواطر النفس ، فلا ينزعك من شيء تخافه إلا ومع التشريع ما يُذهِب هذه المخاوف . { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ … } .