Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 153-153)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ } [ آل عمران : 153 ] هنا جاء لهم بلقطة من المعركة ، حتى إذا سمع كل واحد منهم هذا الكلام يستحضر الصورة المخزية التي ما كان يصح أن تحدث ، " إذ تصعدون " ، فيه " تَصْعَد " ، وفيه " تُصعِد " وهنا " تُصْعِدون " من " أَصْعَد " ، و " أَصْعَد " أي ذهب في الصعيد ، والصعيد الأرض المستوية حتى تعينه على سرعة الفِرار . إنما " صَعِدَ " تحتاج إلى أن يكون هناك مكان عالٍ يصعدون إليه . وهم ساعة أرادوا أن يفروا جَرَوْا إلى الأرض السهلة ومَشَوْا ، فكل منهم لا يريد أن يتعثر هنا أو هناك ، إذن فالمناسب لها { إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ } [ آل عمران : 153 ] والفَار لا ينظر هنا أو هناك ليس أمامه إلا الأرض السهلة . { وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ } [ آل عمران : 153 ] أي لا تعرجون على شيء ، والأهم من ذلك أن هناك تنبيهاً من القائد الأعظم وهو الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يدعوكم " والرسول يدعوكم في أخراكم " أي يناديكم من مؤخرتكم طالباً منكم العودة إلى ميدان القتال " فأثابكم غما بغم " . أنتم غَمَمْتُم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنكم خالفتم أوامره ، فوقفكم الله هذا الموقف . كلمة { فَأَثَابَكُمْ غَمّاًً بِغَمٍّ } [ آل عمران : 153 ] كأنه يقول : عاقبكم . ولكنه سبحانه يأتي بها مغلفة بحنان الألوهية " فأثابكم " . إذن فهي ثواب … أي أن الحق سبحانه وتعالى بربوبيته وبألوهيته يعلم أن هؤلاء مؤمنون فلم يَقْسُ عليهم ، قال : { فَأَثَابَكُمْ غَمّاًً بِغَمٍّ } [ آل عمران : 153 ] فكأن ما حدث لكم تخليص حق . { لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ } [ آل عمران : 153 ] ولو لم تحدث مسألة الحزن والخزي والذلة لشغلتكم مسألة أنكم فاتتكم الغنائم والنصر ، ولظل بالكم في الغنائم لأنها هي السبب في هذا . كأن الغم الذي حدث إنما جاء ليخرج من قلبكم لقطة سيل اللعاب على الغنيمة . وما أصابكم من القتل والهزيمة ، { فَأَثَابَكُمْ غَمّاًً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَآ أَصَابَكُمْ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [ آل عمران : 153 ] أي أنه سبحانه يقدر ما الذي استولى عليكم ، لأن من الجائز { وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِيۤ أُخْرَاكُمْ } [ آل عمران : 153 ] أنهم لم يسمعوا النداء من هول المعركة ، { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [ آل عمران : 153 ] وهو سبحانه خبير بكل فعل وإحساس . ويقول الحق من بعد ذلك : { ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ ٱلْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَىٰ طَآئِفَةً مِّنْكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ ظَنَّ ٱلْجَاهِلِيَّةِ … } .