Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 155-155)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وعندما نقرأ كلمة { ٱسْتَزَلَّهُمُ } [ آل عمران : 155 ] نعرف أن الهمزة والسين والتاء للطلب ، تطلب ما بعدها ، مثل : استفهم أي طلب الفهم ، استعلم يعني طلب العلم ، استقوى يعني طلب القوة ، و " اسْتَزَلَّ " يعني طلب الزّلل ، ومعنى " الزَّلل " هو العثرة والهفوة ، أي أن الإنسان يقع في الغلط ، إذن فالشيطان طلب أن يزلوا ، { بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ } [ آل عمران : 155 ] ، كأن الشيطان لا يجترئ على أن يستزل أحداً ممن آمن إلا إذا صادف فيه تحللاً من ناحية ، لكن الذي ليس عنده تحلل لا يقوى عليه الشيطان ، ساعة يأتي الإنسان ويعطي لنفسه شهوة من الشهوات فالشيطان يرقمه ويضع عليه علامة ويقول : هذا ضعيف ، هذا نقدر أن نستزِلّه . لكن الذي يراه لا يطاوع نفسه في شيء من التحلل لا يقترب ناحيته أبداً . ولذلك فالنفس هي مطية الشيطان إلى الذنوب ، وفي الحديث الشريف : " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " وعندما يرى الشيطان واحداً تغلبْه نفسه في حاجة فالشيطان يقول : هذا فيه أمل ! وهو الذي يجري منه مجرى الدم كما سبق في الحديث ، أما الملتزم الذي ساعة تُحدثه نفسه بشيء ويأبى فالشيطان يخاف منه ، إذن فالشيطان لا يستزل إلا الضعيف ، ولذلك فالذي يكون ربه على ذِكْر منه دائماً لا يجترئ عليه الشيطان أبداً . إن الله - سبحانه - قد سمى الشيطان " الوسواسَ الخناس " ، إنه يوسوس للناس ، لكنه خنَّاس فإذا ذُكر اللهُ يخنِس ، أي يتأخر ويختفي ولكنّه ينفرد بك حين يراك مُنعزلاً عن ربك ، لكن حين تكون مع ربك فهو لا يقدر عليك بل يتوارى ويمتنع عن الوسوسة إذا استعذت عليه بالله . إذن فقوله : { إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ } [ آل عمران : 155 ] يعني طلب منهم أن يزلوا نتيجة لأنه عرف أنهم فعلوا أشياء أَبْدَوا وأظهروا فيها ضعفهم ، { إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا } [ آل عمران : 155 ] وكلمة " ببعض ما كسبوا " … كأن قول الله { وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ } [ آل عمران : 155 ] أنّه لم يأخذهم بكل ما كسبوا لأن ربنا يعفو عن كثير . { إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ } [ آل عمران : 155 ] . { عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ } [ آل عمران : 155 ] لماذا ؟ عفا عنهم تكريماً لمبدأ الإسلام الذي دخلوا فيه بإخلاص ، ولكن نفوسهم ضعُفت في شيء ، فيُعطيهم عقوبة في هذه ولكنه يعفو عنهم فهذا هو حق الإسلام ، { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ } [ آل عمران : 155 ] . ويقول الحق بعد ذلك : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ … } .