Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 170-170)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

والعدل يتحقق بين البشر بأن كلا منهم يموت . ولكن الفضل أن يعجل الله انقضاء الحياة في الدنيا لمن يُحبهم بالاستشهاد وينقلهم إلى رضوانه ونعيمه { فَرِحِينَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } [ آل عمران : 170 ] وليس هذا فقط ، بل إننا نجد الأخوة الإيمانية قد بقيت فيهم وليست كخاصية الأحياء بل أنقى وأبقى من خاصية الأحياء ، فالخاصية الإيمانية تقتضي أن يُحب المؤمن لأخيه ما يُحب لنفسه ، والشهداء في حياتهم عند ربهم كذلك ، مما يدل على أن الحياة التي يحياها الشهداء هي حياة نامية فيها رزق ومواجيد وفرح ، وكل شهيد يعتبر أن هذا فضل من الله قد فضله به . ولذلك فالشهيد يستبشر بالذي لم يأت من بعده من إخوانه المؤمنين ويقول : يا ليتهم يأتون ليروا ما نراه . { وَيَسْتَبْشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم } [ آل عمران : 170 ] : " ويستبشرون " من البُشرى ، والبُشرى هي الخبر السّار { وَيَسْتَبْشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم } [ آل عمران : 170 ] ويلحقوا أي يأتوا بعدهم ، فالشهداء يقولون : إنهم سيأتون لنا وما داموا سيأتون لنا فنحن نُحب أن يكونوا معنا في النعيم والخير الذي نحيا فيه . وكل منهم يشعر بالمحبة لأخيه ، لأنه يعلم قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " لا يكمل إيمان أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه " وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما أصيب إخوانكم يوم أحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش ، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن فضلهم قالوا : ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا من الحرب . فقال الله - عز وجل - : أنا أبلغهم عنكم ، فأنزل الله هذه الآيات : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } وما بعدها " . ونعرف أن " البِشْرَ " عادة هو الفرحة ، وهي تبدو عَلَى بشَرة الإنسان ، فساعة يكون الإنسان فرحاً ، فالفرحة تظهر وتُشرق في وجهه ولذلك نُسميها " البشارة " ، لأنها تصنع في وجه المُبشَّر شيئاً من الفرح مما يعطيه بريقاً ولمعاناً وجاذبية . { وَيَسْتَبْشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [ آل عمران : 170 ] أي أن الذين خلفوا عن الشهادة لا خوف عليهم ، فهؤلاء الذين لم يستشهدوا بعد قد يخوضون معركة ما ، فيقول الحق على لسان الشهداء لكل منهم : لا تخف لأنك ستذهب لخير في الحياة { أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [ آل عمران : 170 ] . وبعد ذلك يقول الحق : { يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ … } .