Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 173-174)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } [ آل عمران : 173 ] . المسألة ليست ذلك فقط ، المسألة أن المنافقين راحوا يُروجون إشاعات كاذبة بأن المشركين قد اسْتَدْعوا عدداً جديداً من كفار مكة وذلك ليخيفوا المؤمنين ، فلم يخف مؤمن واحد { ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ } [ آل عمران : 173 ] وساعة ترى كلمة " الناس " فاعرف أن الإيمان بعيد عنها ، وما داموا " أناساً " فهم يقابلون أناساً آخرين ، ومن يغلب فهو يغلب بجهده وشطارته وحسن تصرفه ، لكن المؤمن يقابل الكافر ، والمؤمن يتلقى المدد من ربه . قيل : إن الشيطان قد يتمثل على هيئة حشد من الناس ليُرهب المؤمنين ، والشيطان من عالم الجن ، وعالم الجن يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ، وقد أعطاه الله القدرة على أن يتشكل بما يُحب . فله أن يتشكل في إنسان ، في حيوان ، أو كما يريد ، ولكن إذا تشكل فالصورة تحكمه لأنه ارتضى أن يخرج عن واقعه ليتشكل بهيئة أخرى ، فإذا ما تشكل على هيئة إنسان ، فقانون الإنسان يسري عليه ، بحيث إن كان معك مسدس أو سيف أو خنجر وتمكنت منه وطعنته يموت . وهذا هو ما رحمنا من تخويفهم لنا . ولذلك تجد أن الشيطان يظهر لمحة خاطفة ثم يختفي ، لأنه يخاف أن يكون الإنسان الذي أمامه واعياً بأن الصورة تحكمه ، فعندما يتمثل لك بأي شكل تخنقه فيُخنق لذلك يخاف من الإنسان ، فلا يظهر إلا في لمحات خاطفة . ويمكن أن نفهم أيضاً قول الحق : { ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ } [ آل عمران : 173 ] أي هناك بعض من الكفار أشاعوا أن أبا سفيان وصحبه قد حشدوا حشودهم ، فكلمة " جمعوا " تعطي إيحاء بأنهم جاءوا بمقاتلين آخرين ، أو أن فلولهم قد تجمعت ، وسواء هذا أو ذاك فهم عندما فروا فروا فلولا ، لأن القوم المنهزمين لا يسيرون سيراً منتظماً يجمعهم ، بل يسير كل واحد منهم حسب سرعته ، ويصح أن يتجمعوا ثانية ، أو جاءوا بناس آخرين ، ولنا أن نلحظ أن الأسلوب يحتمل كل ذلك . { ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ } [ آل عمران : 173 ] ومثل هذا القول قد يفت في عضد المؤمنين ، لكن التمحيص الإيماني قد صقل معسكر الإيمان فلم يهتموا بهذا الكلام ، وهكذا أثمر الدرس الأول ، لقد تعلموا أن المخالفة عن أمر الله الممثل في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مجرد المخالفة تجعل الضعف يسري في النفس ، لكن التثبت والتمسك بأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعزز الإحساس بالقوة لذلك لم يأبهوا لهذا التهديد بل قالوا : إن العدد هذا ليس في بالنا لأننا نعتمد على الله وحُسن الإيمان ، إنهم قالوا : { حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } [ آل عمران : 173 ] فلم يهتموا بالعدد وفهموا أن الإيمان يقتضي أن يقاتلوا الكافرين حتى يُعذبهم الله بأيديهم ، وفي هذا درس لكل مُحارب ، فعندما تحارب ، فأنت إما أن تكون منصوراً بإيمانك بالله وإما أن تكون على عكس ذلك : { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ … } [ الأنفال : 17 ] . لقد فطنوا إلى أنفسهم ، وتغير الترتيب الإيماني في أعماقهم ، ونلمس ذلك في أن بعضاً من الناس جاءوا يصدونهم ويخذلونهم ، فلم يستطيعوا بل زادهم هذا القول إيماناً { وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } [ آل عمران : 173 ] ، لقد فطنوا إلى أن قوة الله هي التي تنصرهم والله حسبهم وكافيهم عن أي عدد من الأعداد وهو نعم الوكيل ، ومعنى " الوكيل " أنني عندما أعجز عن أمر أُوَكِّلُ أحداً فهو وكيل عني ، وعندما نوكل الله فيما عجزنا عنه فهو نعم الوكيل ، لماذا ؟ وتأتينا الإجابة : { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ } [ آل عمران : 174 ] ، ولقد نصروا بالرعب الذي أنزله الله في قلوب أعدائهم ولم يشتبكوا مع الكفار ، فصدق قول الله : { سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ … } [ الأنفال : 12 ] . ويأتي الحق من بعد ذلك بما يصدق القضية : { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ وَٱتَّبَعُواْ رِضْوَانَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ } [ آل عمران : 174 ] . وهذه القضية يجب أن يستشعرها كل مؤمن يتعرض لتمحيص الحق له ، وعلى كل مسلم أن يتذكر تلك التجربة ، تجربة أُحد ، فليلة واحدة كانت هي الفارق بين يوم معركة أُحد ويوم الخروج لملاحقة الكفار في حمراء الأسد ، ليلة واحدة كانت في حضانة الله وفي ذكر لتجربة التمحيص التي مر بها المؤمنون إنها قد فعلت العجب لأنهم حينما طاردوا الكفار ، لم يأبهوا لمحاولات الحرب النفسية التي شنها عليهم الأعداء ، بل زادهم ذلك إيماناً وقالوا : { حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } [ آل عمران : 173 ] . إذن فقد تجردوا من نفوسهم ومن حولهم ومن قوتهم ومن عددهم ومن أي شيء إلا أن يقولوا : الله كافينا وهو نعم الوكيل لمن عجز عن إدراك بغيته . لقد عرفوا الأمر المهم ، وهو أن يكون كل منهم دائماً في حضانة ربه ، وقد أخذ صحابة رسول الله وآل بيت رسول الله هذه الجرعة الإيمانية واستنبطوا منها الكثير في حل قضاياهم . وقول الله سبحانه : { حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } [ آل عمران : 173 ] يُذكرنا بالإمام جعفر الصادق ابن سيدي محمد الباقر بن سيدي علي زين العابدين وكان من أفقه الناس بالقرآن ، وكان من أعلمهم في استنباط أسرار الله في القرآن ، إنّه كان يجد في قول الحق : { حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } [ آل عمران : 173 ] استنباطاً رائعاً ، فهو يتعجب لأي إنسان أدركه الخوف من أي شيء يخيف ، والإنسان لا يخاف إلا أمراً يَنْقُضُ عليه رَتََابَة راحته ، ويقلقه ويهدده في سلامه وأمنه واطمئنانه ، ويكون لهذا الخوف مصدر معلوم ، فإذا ما تعرض المؤمن لمثل هذا الخوف فعليه أن يتذكر قول الحق : { حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } [ آل عمران : 173 ] لأنها قضية نفعت الجيش كله في معركته مع الكفار ، فحين يأخذ الفرد هذه الجرعة فهو يستعيد رباطة الجأش . واشتداد القلب فلا يفر عند الفزع . وينبهنا سيدنا جعفر الصادق إلى هذه القضية لنفزع إليها عند كل ما يُخيفنا فيقول : عجبت لمن خاف ولم يفزع إلى قول الله : { حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } [ آل عمران : 173 ] إنه بنظرته الإيمانية يتعجب لإنسان أدركه الخوف ثم لا يفزع إلى هذا القول الكريم { حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } [ آل عمران : 173 ] ، ثم يستنبط بإشراقاته سر هذا فيقول : لأني سمعت الله بعقبها يقول : { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ } [ آل عمران : 174 ] وانظروا إلى قول سيدنا جعفر الصادق : " فإني سمعت الله بعقبها " هو قرأ بنفسية المؤمن الصادق ، فالمؤمن حين يقرأ كلام الله إنما يستحضر أنه يسمع الله يتكلم إنه يقول : فإني سمعت الله بعقبها يقول : { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ } [ آل عمران : 174 ] ولذلك فالحق يقول : { وَإِذَا قُرِىءَ ٱلْقُرْآنُ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [ الأعراف : 204 ] . فأنت حين تستمع إلى القرآن فالله هو الذي يتكلم ، ومن العيب أن يتكلم ربك في أذنك ثم تشغل عنه وهو ربك ، إذن فعلاج الخوف هو أن تقول من قلبك : { حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } [ آل عمران : 173 ] وأن تقولها بحقّها ، فإن قلتها بحقها كفاك الله شرّ ذلك الخوف ، لأن الله يقول بعد { وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } [ آل عمران : 173 ] : { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ } [ آل عمران : 174 ] انظر إلى النعمة والفضل ، إنهما من الله ، وقد تصيبك النعمة والفضل ولكن تقدر ذلك في أخريات الأمور ، فأوضح الله أن النعمة زادت في أنها غنيمة باردة ، ولم يحدث فيها أن مسّنا سوء ، إن ذلك هو قمة العطاء ورأسه وسنامه ، فإذا قدرته في أخريات الأمور فقد أخطأت التقدير { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ } [ آل عمران : 174 ] ونتيجة لتلك التجربة النافعة هي أن " اتبعوا رضوان الله " ، وقد نجحت التجربة مع المؤمنين . ويقول الإمام جعفر الصادق ليكمل العلاج لجوانب النفس البشرية ، ويصف الدواء فالنفس البشرية يفزعها ويقلقها ويجعلها مضطربة أن تخاف شرًّا يقع عليها ، وعلاج هذا : { حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } [ آل عمران : 173 ] ، ويضيف : وعجبت لمن اغتمّ ولم يفزع إلى قول الحق سبحانه : { لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [ الأنبياء : 87 ] . و " الغمّ " قلق في النفس ، ولكنك لا تدرك أسبابه ، فأسبابه مُعقّدة ، صدر يضيق ، ولذلك تقول : أنا صدري ضيق ، أنا متعب ولا أدري لماذا ؟ أي لم يمرّ بك الآن أشياء تستوجب هذا ، إنما قد تكون حصيلة تفاعلات لأحداث وأمور أنت لا تتذكرها الآن ، هذا اسمه " غمّ " ، فإذا ما فزع العبد إلى قول الحق سبحانه : " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " فالعبد يقرّ بذنبه ويقول : هذا الغمّ لم يأتني إلا لأنني خرجت عن المنهج ، ويذكرنا سيدنا جعفر الصادق بأنه سمع بعدها قول الله : { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْغَمِّ وَكَذٰلِكَ نُنجِـي ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ الأنبياء : 88 ] . والذي قال ذلك هو سيدنا يونس " فاستجبنا له ونجيناه من الغم " . وهذه الاستجابة من الله ليست خاصّية كانت ليونس عليه السلام ، لأنه سبحانه قال : " وكذلك ننجـي المؤمنين " أي أنه باب واسع أدخل الله فيه كل المؤمنين ، ويضيف سيدنا جعفر الصادق : وعجبت لمن مُكر به ولم يفزع إلى قول الله : { وَأُفَوِّضُ أَمْرِيۤ إِلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } [ غافر : 44 ] . فإني سمعت الله بعقبها يقول : { فَوقَاهُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ } [ غافر : 45 ] . ومُكر به معناها بيّت له الشر بحيث يخفى ، لأن المكر هو : تبييت من خصمك لشرّ يُصيبك ، بينما أنت تقف بجانب الحق ، فيكون هذا المكر شراً يُبيَّتُ لخير وحق ، وهذا هو المكر السّيىء ، ويُقابله مكر حَسن ، ولذلك يقول الحق : { وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ … } [ فاطر : 43 ] . إذن فهناك مكرٌ ليس بسيىء ، كأن يُبيّت صاحب الحق لصاحب الشرّ تبييتاً يخفى عليه ، هذا اسمه مكر خير لأنه محاربة لشرٍّ ، ولذلك يوضح لنا الله هذا الأمر : افطنوا إلى هذه ، فإن كانوا يمكرون ويُبيِّتون ، فهم إن بيّتوا على الخلق جميعاً لا يُبيِّتون على الله لأنه سبحانه العليم ، الخالق ، المُربّي ، وإن يُبيّت الله لهم فلن يستطيعوا كشف هذا التبييت ، إذن فالله خير الماكرين لأن تبييتهم مكشوف أمام الخالق لذلك فهو مكر ضعيف ، أما المكر الحقيقي فهو الذي لا توجد وسيلة تعرفه بها . ونواصل مع سيدنا جعفر الصادق قوله في علاج النفس البشرية فيقول : وعجبت لمن طلب الدنيا وزينتها كيف لا يفزع إلى قول الله : { مَا شَآءَ ٱللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِٱللَّهِ … } [ الكهف : 39 ] . فإني سمعت الله يعقبها بقوله : { إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً * فعسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ … } [ الكهف : 39 - 40 ] . واستنبط سيدنا جعفر الصادق ذلك من حكاية صاحب الجنة : { وَلَوْلاۤ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِٱللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً * فعسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ … } [ الكهف : 39 - 40 ] . إنك حين تقول : " ما شاء الله لا قوة إلا بالله " فإن الدنيا تأتيك مهرولة ، لأنك جرّدت نفسك من حولك ، ومن قوة حيلتك وأسبابك ، وتركت الأمر لله سبحانه وتعالى القادر على كل عطاء . إذن فالجوانب البشرية في النفس : هي خوف له علاج وَوَصْفَة ، وهمُّ له علاج ووصفه ، ومكر بك له علاج ووصفه ، وطلب دنيا وسعادة لها علاج ووَصْفَة ، والوصْفة التي نحن بصددها هنا : { وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ * فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ } [ آل عمران : 173 - 174 ] . والنعمة أن يعطيك الله على قدر عملك ، والفضل من الله هو أن يزيدك عطاء ، ولم يمسس السوء أحداً من المؤمنين الذين طاردوا المقاتلين من قريش ، وكان من نتيجة ذلك أنهم جمعوا بين كل ما وهبه الله لهم من نعمة وفضل مع اتباعهم رضوان الله فقد صارت المسألة بالنسبة لهم تجربة مُحسّة ومُجرّبة { وَٱتَّبَعُواْ رِضْوَانَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ } [ آل عمران : 174 ] . لقد حاول المنافقون أن يثبطوا المؤمنين عن لقاء كفّار قريش ، فيريد الحق أن يكشفهم ، ويظهر الدافع إلى مثل ذلك الموقف من المنافقين لذلك قالوا للمؤمنين : { إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ } [ آل عمران : 173 ] . ويظهر الله للمؤمنين حقيقة موقف المنافقين : { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ … } .