Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 175-175)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

إنها صرخة الشيطان الذي يخوِّف أولياءه ، ويَصحُّ أن يصرخ الشيطان صرخته وهو يتمثل في صورة بشر ، ويصح أن ينزغ الشيطان بصرخته لواحد من البشر فيصرخُ هذا الإنسان بنزغ الشيطان له { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ } [ آل عمران : 175 ] . وعندما نقرأ القرآن بدقة صفائية إيمانية فلا بد أن نفهم عن القرآن بعمق ، فمن هم أولياء الشيطان ؟ أولياء الشيطان في هذا الموقف ، إما كفّار قريش ، وإما المنافقون أو هما معاً . و " أولياءه " هم أحبابه الذين ينصرون فكرته . كأن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يُبلّغنا : إنما ذلكم الشيطان الذي قال : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ، هذا الشيطان إنما يخوف أولياءه . وللوهلة الأولى نجد أن الشيطان مُفترض فيه أن يخوّف أعداءه . ونحن هنا أمام شيطان ينزغ بعبارة التخويف ، فمن الذي يخاف وممن يخاف ؟ المفروض أن يُخيف الشيطانُ أعداءه ، هذا هو المنطق . فنحن في حياتنا العادية نقول : خوّفت فلاناً من فلان ، أو خوفت فلاناً فلاناً إذن فالشيطان يحاول هنا أن يتسلط على المؤمنين ويخوفهم من أوليائه الكفار والمنافقين ، ونعرف في اللغة أن هناك في بعض المواقف يمكننا أن نحذف حرف الجر ونصل الجملة ، ونُسمّيه " مفعولاً منه " . مثال ذلك قول الحق : { وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً … } [ الأعراف : 155 ] . فموسى عليه السلام اختار من قومه سبعين رجلاً . وعلى ذلك نقرأ قول الحق : { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ } [ آل عمران : 175 ] ونفهم منها أن ذلك الشيطان يخوِّفكم أنتم من أوليائه ، لأن حرف الجر في الآية الكريمة محذوف ، ويعاضد هذا ويقويه قراءة ابن عباس وابن مسعود : يخوفكم أولياءه ، وينبه الحق المؤمنين ألاّ تخافوا من أولياء الشيطان فيقول : " فلا تخافوهم " . وهذا يوضح لنا أن الشيطان إنما أراد أن يُخوّف المؤمنين من أوليائه وهم المنافقون والكافرون . وبعض المفسرين قال : " يخوّف أولياءه " المقصود بهم أن الشيطان يخوّف أولياءه حتى يَجْبُنوا من القتال ، فنزغ فيهم أنهم إن خرجوا للقتال فقد يموتون . ولكن إن جاز ذلك القول على المنافقين الذين لم يخرجوا مع الرسول لملاقاة المشركين فكيف يجوز ذلك على الصنف الثاني من أوليائه وهم الكفار ؟ إن الكفار قد خرجوا فعلاً لقتال المؤمنين . ونفهم من قول الحق : " فلا تخافوهم وخافون " أن أولياء الشيطان ليسوا هم الخائفين ولكنهم هم المخوِّفون : { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } [ آل عمران : 175 ] . فالحق سبحانه يطلب من المؤمنين أن يصنعوا معادلة ومقارنة ، أيخافون أولياء الشيطان ، أم يخافون الله ؟ ولابد أن يصلوا إلى الخوف من الله القادر على دحر أولياء الشيطان . ومن بعد ذلك يقول الحق سبحانه : { وَلاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً … } .