Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 199-199)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
والحق سبحانه وتعالى يؤرخ للإيمان تأريخاً صادقاً أميناً ، فالقرآن لم يتحامل على أهل الكتاب لأنهم عاندوا رسول الله وواجهوا دعوته وصنعوا معه كل ما يمكن أن يحبط الدعوة ويقضي عليها . إن القرآن يقول : في شأن بعض منهم منصفاً لهم : { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ … } [ آل عمران : 199 ] . وهذا اسمه - كما قلنا - صيانة الاحتمال . فساعة يقول الحق : { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ … } [ آل عمران : 199 ] ، ساعة ينزل هذا الكلام ، فيسمعه بعض من أهل الكتاب الذين انشغلوا في أعماقهم بتصديق الرسول ، ويعرضون قضية الإيمان على نفوسهم ، فإذا ما كانوا كذلك ماذا يكون موقفهم وهم الذين يفكرون في أمر الإيمان بما جاء به محمد ؟ إنهم عندئذ يقولون لأنفسهم : هذه مسألة في أعماقنا ، فمن الذي أطلع محمداً عليها ؟ إن ذلك دليل على أن محمداً لا ينطق عن الهوى ، وأن الله يعلمه بما في نفوسنا مما لم يبرز إلى حيز الوجود ، وما دام الحق يخبره بما لم يخرج إلى حيز الوجود فلابد أنه صادق . فإن كانت الآية قد قيلت بعد أن آمنوا فلن يكون لها هذا الوقع . إذن فلابد أن هذا القول تبشير بأن كثيراً من أهل الكتاب يفكرون في تصديق الرسول الله في البلاغ من الله ، وهم بصدد أن يؤمنوا . فقول الله ذلك يجعل العملية الإيمانية في نفوسهم مصدقة ، لأنهم يقولون : إنّ الرسول الذي يقول ذلك هو مبلغ عن إله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور . ويقول الحق من بعد ذلك : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ … } .