Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 1-1)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وجاءت أيضاً في سور أخرى ، في سورة العنكبوت ، وفي سورة الروم ، ولقمان ، والسجدة ، وزاد عليها راءً في بعض السور ، وزاد عليها صاداً في بعض السور " المص " و " المر " كل ذلك جاء تأكيداً للمعاني أو تأكيداً للسر الذي وضعه الله في هذه الحروف ، وإن لم نكن ندرك ذلك السر . والإنسان ينتفع بأسرار الأشياء التي وضعها مَنْ أوجد الأشياء وإن لم يعلم هذه الأشياء فهو منتفع بها ، وضربنا المثل وقلنا : إن الريفي الذي ليس عنده ثقافة في الكهرباء ، أيستفيد بالكهرباء أم لا ؟ إنه يستفيد بها ويحرك زر المصباح لينيره أو ليطفئه ، أهو يعلم سر ذلك ؟ لا ، لكنه إنما انتفع به ، فكذلك المؤمن حين يقول : " ألف - لام - ميم " ، يأخذ سرها من قائلها ، فهمها أم لم يفهمها ، إذن فالمسألة لا تحتاج إلى أن نفلسفها ، صحيح أن العقل البشري يحوم حول شيء ليستأنس به ، ولكن عطاء الله وحكمة العطاء فوق ما يُسْتأنسُ به وفوق ما نستوحش به . وقول الحق سبحانه في ختام سورة البقرة : { فَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } [ البقرة : 286 ] يناسب أيضاً سورة آل عمران ، لماذا ؟ لأن الإسلام سيأتي ليواجه معسكر كفر ومعسكر أهل الكتاب ، فحتى لا تتشقق دعوة الله التي صدرت عن الله بمواكب الرسل جميعاً الذين سبقوا محمداً صلى الله عليه وسلم وأن هذا جاء ليناقض شيئاً منه ، إنه قد جاء ليعزز دعوة الله ، ولتكون هذه الأمم التي تبعت هذه الديانات في صف الإسلام . ولذلك حينما أنكر العرب رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله لهم : " ومَنْ عنده علم الكتاب " أي أن من عنده علم الكتاب يشهد أنك رسول الله . { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَابِ } [ الرعد : 43 ] . فكان المفروض في أهل الكتاب أنهم حينما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكونوا هم أول المؤمنين برسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنه جاء ليؤكد موكب الإيمان ويأتي لهم بسورة يسميها آل عمران حتى يعلم الجميع أنك يا محمد لم تأتي لتهدم ديانة عيسى ، ولكن لتبقى ديانة عيسى ولتؤيد ديانة عيسى ، فإن كنتم يا من آمنتم بعيسى مؤمنين بعيسى فاهرعوا حالاً إلى الإيمان بمحمد فقد سماها الله آل عمران ، وجعل لهم سورة في القرآن . إن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم لم تأت للعصبية ، أو لتمحو ما قبلها كما تأتي عصبيات البشر حين يأتي قوم على أنقاض قوم ، ويهدمون كل ما يتصل بهؤلاء القوم حتى التاريخ يمحونه ، والأشياء يمسخونها لأنهم يريدون أن ينشئوا تاريخاً جديداً . لا ، إن هذا القرآن يريد أن يصوب التاريخ ، فيأتي بسورة اسمها " آل عمران " وذلك تكريم عال لهذه الديانة ولتابعيها . وبعد ذلك يأتي الحق فيستهلها : بقوله جل شأنه : { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ … } .