Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 99-99)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هب أنكم خبتم في ذواتكم ، وحملتم وزر ضلالكم فلماذا تحملون وزر إضلالكم للناس ؟ . كان يكفي أن تحملوا وزر ضلالكم أنتم ، لا أن تحملوا أيضاً وزر إضلالكم للناس ؟ إن الحق - سبحانه - قال : { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ } [ النحل : 25 ] . إنه سبحانه قال ذلك مع أنه قد قال : { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ … } [ فاطر : 18 ] . إن الذي لا يحمل وزراً مع وزره هو الضال الذي لم يُضِل غيره ، فهذا يتحمل إثمه فقط . أما الذي يحمل وزر نفسه ، ووزر غيره فهو الضال المضل لغيره ، وهنا يسألهم الحق سبحانه وتعالى على لسان رسوله : { لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ } [ آل عمران : 99 ] . كأنه يقول لهم ماذا تريدون من الدين الذي يربط العبد بربه ؟ . إنكم لا تريدونه ديناً قيماً إنكم تريدون ديناً معوجاً ، والمعوج عن الاستقامة إنما يكون معوجاً لِغرض لأن المعوج يطيل المسافة . إنّ الذي يسير في طريق مستقيم ما الذي يدعوه إلى أن ينحرف عن الطريق المستقيم ليطيل على نفسه السبيل ؟ . إن كان يريد الغاية مباشرة فإنه يفضل الطريق المستقيم . أما الذي ينحرف عن الطريق المستقيم فهو لا يبغي الغاية المنشودة ، بل يطيل على نفسه المسافة ، وقد لا يصل إلى الغاية . والحق يقول : { لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً } [ آل عمران : 99 ] وساعة تسمع " عوجاً " فإننا قد نسمعها مرة " عوج " بفتح العين . ومرة نسمعها " عوج " بكسر العين . حين نسمعها " عوج " بفتح العين ، فالعَوَج هو للشيء الذي له قيام ، كالحائط أو الرمح ، أما " العِوج " بكسر العين فهو في المعاني والقيم ، لذلك يقول لهم الحق عن انحرافهم في المعاني والقيم : { تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَآءُ } [ آل عمران : 99 ] . إن الحق يبلغهم : أنتم تبغون الدين عوجاً برغم أنكم شهداء على أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق ، إنه جاء مبلغاً بالصدق ، وكنتم تبشرون برسالة محمد ، وكنتم تستفتحون على الذين أشركوا من أهل مكة وتقولون : سيأتي نبي نتبعه ثم نقتلكم معه قتل عاد وإرم . وأنتم - يا أهل الكتاب - شهود على صدق هذا الرسول . لقد ارتكبوا سلسلة من المعاصي هم ضلوا وجهدوا أن يُضلوا غيرهم . ويا ليت ذلك يتم عن جهل ، ولكنه أمر كان يتم بقصد وعن علم . وبلغت المسألة منهم مبلغ أنهم شهود على الحق . وبرغم ذلك أصروا على الضلال والإضلال . ومعنى " الشهود " ، أنهم عرفوا ما قالوا ورأوه رأي العين ، فالشهود هو رؤية لشيء تشهده ، وليس شيئاً سمعته ، لذلك يذكرهم الحق سبحانه بقوله : { وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [ آل عمران : 99 ] . إنَّ الرسالة التي جاء بها محمد مبلغاً واضحة ، وهذا مذكور في كتبكم السماوية . فما الذي يجعلكم - يا أهل الكتاب - لا تلتزمون طريق الحق وأنتم شهود ؟ لا بد أنكم قد مستكم شبهة إن الله يغفل عن ذلك ، فقال لهم لا : { وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [ آل عمران : 99 ] . وبعد ذلك يأتي قول الحق سبحانه : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ … } .