Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 12-12)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
معنى { يُبْلِسُ ٱلْمُجْرِمُونَ } [ الروم : 12 ] أي : يسكتون سُكوتَ اليائس الذي لا يجد حجة ، فينقطع لا يدري ما يقول ولا يجد مَنْ يدافع عنه ، حتى قادتهم وكبراؤهم قد سبقوهم إلى العذاب ، فلم يعُدْ لهم أمل في النجاة ، كما قال تعالى : { يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ … } [ هود : 98 ] ، ومن ذلك سُمِّي إبليس لأنه يئس من رحمة الله . وفي موضع آخر يقول الحق سبحانه : { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ } [ الأنعام : 44 ] . أي : لما نسوا منهج الله أراد سبحانه أن يعاقبهم في الدنيا ، وحين يعاقبهم الله في الدنيا لا يأخذهم على حالهم إنما يُرخي لهم العَنان ، ويُزيد لهم في الخيرات ، ويُوسِّع عليهم مُتَع الدنيا وزخارفها ، حتى إذا أخذهم على هذه الحال كان أَخْذه أليماً ، وكانت سقطتهم من أعلى . كما أنك مثلاً لا تُوقع عدوك من على الحصيرة ، إنما ترفعه إلى أعلى ليكون الانتقام أبلغَ ، أمّا إنْ أخذهم على حال الضِّيق والفقر ، فالمسألة إذن هيِّنة ، وما أقرب الفقر من العذاب ! ولنا ملحظ في قوله تعالى { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ … } [ الأنعام : 44 ] فمادة فتح إنْ أراد الحق سبحانه الفتح لصالح المفتوح عليه يقول { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } [ الفتح : 1 ] وإن أراد الفتح لغير صالحه يقول { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ … } [ الأنعام : 44 ] والفرق بيِّن بين المعنيين ، لأن اللام هنا للملك { فَتَحْنَا لَكَ … } [ الفتح : 1 ] إنما على { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ … } [ الأنعام : 44 ] فتعني ضدهم وفي غير صالحهم ، كما نقول في المحاسبة : له وعليه ، له في المكسب وعليه في الخسارة .