Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 32-32)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فرَّقوا دينهم كالركْب الذين اختلفتْ وجهاتهم ونياتهم { وَكَانُواْ شِيَعاً … } [ الروم : 32 ] جمع شيعة ، وهم الجماعة المتعاونة على أمر من الأمور ، خيراً كان أو شراً ، خيراً مثل قوله تعالى : { وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ } [ الصافات : 83 ] . أو شراً مثل : { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً … } [ القصص : 4 ] . وفي آية أخرى : { قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ … } [ الأنعام : 65 ] . وقوله تعالى : { كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } [ الروم : 32 ] لما لهم من سلطة زمنية ، ولما لهم من مكانة يخافون أنْ تهتز كالسلطة الزمنية التي منعتْ يهود المدينة من الإيمان برسول الله ، مع أنهم كانوا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ويعرفون زمانه ، وكانوا يقيمون بالمدينة ينتظرون ظهوره ، وكل ذلك عندهم في التوراة ، حتى إنهم كانوا يصطدمون بعبدة الأصنام ، فيقولون لهم . لقد أطلَّ زمن نبي يظهر آخر الزمان سنتبعه ، ونقتلكم به قتْل عاد وإرم . { فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ … } [ البقرة : 89 ] . لماذا ؟ حفاظاً على سلطتهم الزمنية ، وقد كانوا أهل علم وغِنىً ومكانة ، فلما بُعث محمد صلى الله عليه وسلم ألغى هذه السلطة ، فلا كلام بعد كلامه صلى الله عليه وسلم ، أما مَنْ ثبت منهم على دينه الحق ، وعمل بما في التوراة فقد آمن بمحمد كعبد الله بن سلام وغيره من أحبار اليهود . فالسلطة الزمنية هي التي حالتْ بين الناس وبين الحق الذي يؤمنون به ، وهذه السلطة الزمنية هي التي نراها الآن في هذه الفِرَق والأحزاب التي يدَّعي كل منها أنها على الحق وما سِواها على الباطل . يقول تعالى : { وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلْحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ … } [ المؤمنون : 71 ] . فكل منهم يناطح الآخرين ليعلي مذهبه ، ويظهر هو على الساحة . بعد ذلك يُبيِّن لنا الحق سبحانه أن الذين يكفرون بالله ، أو يتمردون على منهج الله يظلون هكذا أسْرى هذه السلطة الزمنية ، فإذا أصابتهم هزة أو بلاء لا تقوى أسبابهم على دفعه لم يجدوا ملجأ إلا الله ، فقال سبحانه : { وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ … } .