Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 1-1)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الۤـمۤ } سبق أنْ فصَّلنا القول في الحروف المقطّعة في بدايات السور ، وذكرنا كل ما يمكن أن يقوله بشر ، وبعد هذا كله نقول : والله أعلم بمراده لأننا مهما أوتينا من العلم فلن نصل إلى غاية هذه الحروف ، وسيظل فيها من المعاني ما نعجز نحن عن الوصول إليه . فإنْ قلتَ : فما فائدة هذه الحروف المقطعة إنْ كانت غير معلومة المعنى ؟ نقول : نحن نناقشكم بالعقل وبالمنطق ، فالقرآن نزل بأسلوب عربي ، وتحدى العرب وهم أهل الفصاحة والبلاغة والبيان وأصحاب التعبير الجميل والأداء الرائع ، ونزل في قريش التي جمعتْ في لغتها كل لغات القبائل العربية ، وقد خرج منها صناديد كذبوا محمداً ، وكفروا بدعوته ، فهل سمعنا منهم مَنْ يقول مثلاً : ما معنى الم أو حم . والله لو كان فيها مطعن ما تركوه ، إذن : فهذا دليل على أنهم فهموا هذه الحروف ، وعرفوا أن لها معنى أبسطها أن نقول : هي من حروف التنبيه التي كان يستخدمها العرب في كلامهم ، فهي مثل ألا في قول الشاعر : @ ألاَ هُبِّي بِصحْنك فَاصْبِحينا ولاَ تُبْقِ خُمور الأَنْدرينَا @@ فألا أداة للتنبيه ، وتأتي أهمية التنبيه في أول الكلام من أن المتكلم يملك زمام منطقه فيرتبه ويُعده ، ويدير المسائل بنسب ذهنية في ذِهْنه ، لكن السامع قد يكون غافلاً ، فيُفاجأ بالكلام دون استعداد ، فيفوته منه شيء ، فتأتي حروف التنبيه لتُخرِجه من غفلته ، وتسترعي انتباهه ، فلا يفوته من كلامك شيء ، إذن : أبسط ما يقال في هذه الحروف أنها للتنبيه على طريقة العرب في كلامهم . وسبق أنْ بيَّنا أن القرآن مبني كله على الوصل في آياته وسوره ، بل في آخره وأوله نقول : من الجنة والناس بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وكذلك في الآيات والسور . وكأن الله تعالى يريد منك ألاَّ تفصل آية من القرآن عن التي بعدها لذلك يقولون عن قارئ القرآن : هو الحالّ المرتحل ، فهو حالٌّ في آية أو سورة ، مرتحل إلى التي تليها . إذن : الوصْل سِمَة عامة في القرآن كله لا يستثنى من ذلك إلا الحروف المقطعة في بدايات السور ، فهي قائمة على القطع ، فلا نقول هنا ألفٌ لامٌ ميمٌ ، لكن نقول ألفْ لامْ ميمْ ، فلماذا اختلفت هذه الحروف عن السمة العامة للقرآن كله ؟ قالوا : ليدلَّك على أن الألف أو اللام أو الميم ، لكل منها معناه المستقل ، وليست مجرد حروف كغيرها من حروف القرآن لذلك خالفتْ نسق القرآن في الوصل لأن لها معنىً مستقلاً تؤديه . ويفسر هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : " مَنْ قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف " . ثم يقول الحق سبحانه : { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ … } .