Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 32, Ayat: 20-20)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَسَقُواْ … } [ السجدة : 20 ] من الفسوق أي الخروج ، نقول : فسقتْ البلحة يعني خرجت عن قشرتها ، والمراد هنا الذين خرجوا عن طاعة الله وعن مطلوبات الحق سبحانه { فَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ … } [ السجدة : 20 ] قلنا : إن المأوى هو المكان الذي تأوي إليه ، فيحميك من كل مكروه ، فكيف تُوصف به النار هنا ؟ قالوا : المأوى المكان الذي ينزل فيه الإنسان على هواه وعلى كيفه ، أما هؤلاء فينزلون هنا رغماً عنهم ، أو أن الكلام هنا على سَبْق التهكم والسخرية ، كما في قوله تعالى : { فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ آل عمران : 21 ] . ومعلوم أن البشرى لا تكون إلا بالشيء السَّار ، ومثل : { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } [ الدخان : 49 ] ، وهذا كثير في أسلوب القرآن لأنه أسلوب يؤلم الكافرين ، ويحطّ من شأنهم . ثم يُصوِّر لنا الحق سبحانه ما فيه أهل النار من اليأس : { كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا … } [ السجدة : 20 ] وفي موضع آخر قال عنهم { وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } [ الزخرف : 77 ] إذن : لا أمل لهم في الخروج ، ولا حتى في الموت الذي يريحهم مما هم فيه ، بل تردهم الملائكة في العذاب ، ويقولون لهم : { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } [ السجدة : 20 ] . فالإذاقة تعدَّتْ اللسان واستولتْ على كل الأعضاء ، فكل ذرة فيه تذوق عذاب النار جزاء ما كانوا يكذبون بها في الدنيا ، حيث كذِّبوا بالأصل ، وهو الرجوع إلى الله يوم القيامة . ثم إن عذاب الفاسقين لا يقتصر على عذاب الآخرة ، إنما سيكون لهم عذاب آخر يذوقونه في الدنيا : { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ … } .