Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 32, Ayat: 23-23)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

والإيتاء يختلف ، فهناك مَنْ يُؤْتَى بمنهج أو بمعجزة أو بهما معاً ، وهناك إيتاء لكتاب موقوت ، لزمن موقوت ، لقوم موقوتين ، وإيتاء آخر لكل الأزمان ولكل الأمكنة . و { ٱلْكِتَابَ … } [ السجدة : 23 ] أي : التوراة { فَلاَ تَكُن فِي مِرْيَةٍ … } [ السجدة : 23 ] أي : في شك { مِّن لِّقَآئِهِ … } [ السجدة : 23 ] لقاء موسى عليه السلام أم لقاء الكتاب ؟ إنْ كان لقاء موسى فهو تبشير بأن الله سيجمع بين سيدنا رسول الله وهو حَيٌّ بقانون الأحياء وموسى عليه السلام الميت بقانون الأموات ، وهذا لا يتأتَّى إلا إذا كان حديث الإسراء والمعراج في أنهما التقيا فيه صادقاً . لذلك في القرآن آية ينبغي أن نقف عندها ، وأن نتأملها بيقظة ، وهي قوله تعالى : { وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } [ الزخرف : 45 ] . هذا تكليف من الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم أنْ يسأل الرسل ، فمتى يسألهم ؟ فهذه الآية تنبئ بأنهم لا بُدَّ أنْ يلتقوا . فهذه الآية في لقاء موسى والأخرى في لقاء كل الرسل . إذن : علينا أن نصدق بحديث الإسراء والمعراج ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمع بإخوانه من الأنبياء وصلى بهم ودار بينهم حوار . أما إذا كان المعنى { فَلاَ تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآئِهِ … } [ السجدة : 23 ] أي : لقاء الكتاب ، فالتوراة كما قلنا أصابها التحريف والتبديل ، وزِيدَ عليها وكُذِب فيها ، لكن سيأتيك يا محمد من أهل التوارة أمثال عبد الله بن سلام مَنْ يعرفون التوراة بلا تحريف ويُسرُّون إليك بها ، هؤلاء الذين قال الله فيهم : { مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ ٱللَّهِ آنَآءَ ٱللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } [ آل عمران : 113 ] . ألم يواجه عبد الله بن سلام قومه من اليهود ، فيقول لهم : كيف تُكذِّبون بمحمد ، وقد كنتم تستفتحون به على الذين كفروا ، فتقولون لهم : لقد أطلَّ زمان نبي يأتي فنتبعه ، ونقتلكم به قتل عاد وإرم ، لقد تجمعتم من شتى البلاد التي اضطهدتكم ، وجئتم إلى يثرب تنتظرون مَقْدِم هذا النبي ، فما بالكم تكذِّبونه ؟ وقال القرآن عنهم : { وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ … } [ البقرة : 89 ] . ومن لقاء الكتاب الذي وعد به النبي صلى الله عليه وسلم ما رُوِي عن عبد الله بن سلام أنه لما أراد أنْ يؤمن أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إن اليهود قوم بُهْتٌ - يعني : يتبجحون بالكذب - فإذا أسلمتُ قالوا فيَّ ما ليس فيَّ . فاسألهم عني يا رسول الله قبل أنْ أعلن إسلامي ، فلَما اجتمع اليهود سألهم رسول الله : ما تقولون في ابن سلام ؟ فقالوا : سيدنا وابن سيدنا وحبرنا وابن حبرنا … فقال عبد الله : أما وقد قالوا ما قالوا يا رسول الله فأشهد أنْ لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، فقالوا : شرُّنا وابن شرنِّا . فقال عبد الله : ألم أَقُلْ لك يا رسول الله أنهم قوم بُهْت ؟ وقوله تعالى : { وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } [ السجدة : 23 ] أي : جعلنا الكتاب هدى ، وهذا دليل على أن منهم مهتدين بدليل شهادة القرآن لهم : { مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ ٱللَّهِ آنَآءَ ٱللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } [ آل عمران : 113 ] . وقوله تعالى في الآية بعدها : { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً … } .