Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 32, Ayat: 25-25)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تلحظ على أسلوب الآية أنها لم تقل مثلاً : إن ربك يفصل بينهم ، إنما استخدمت الضمير المنفصل هو ليفيد التأكيد والاختصاص ، فالمعنى لا أحدَ يفصل بينهم في القيامة إلا الله ، كما قال سبحانه : { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [ غافر : 16 ] . إذن : جاءت هو لتقطع الشك في وجود الغير . ولك أنْ تتأمل هذا الضمير في هذه الآيات ، ومتى استعمله الأسلوب ، يقول تعالى في قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام : { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ … } [ الشعراء : 77 ] أي : الأصنام { إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ * ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ } [ الشعراء : 77 - 81 ] . فاستخدم الضمير الدالّ على الاختصاص في الهداية والإطعام والسُّقْيا والشفاء ، وهذه الأفعال مظنة أنْ يدعيها أحد لنفسه ، أما الإحياء والإماتة فهي لله وحده لا يمكن أنْ يدَّعيها أحد لذلك جاءت بدون هذا التوكيد ، فهي مسألة مُسلَّم بها لله تعالى . والشك يأتي في مسألة الفصل يوم القيامة لأن الله تعالى جعل الملائكة المدبرات أمراً لتدبر أمر الخلق ، وقال سبحانه { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ … } [ الرعد : 11 ] أي : تبعاً لأمر الله فيه ، فقد يفهم البعض أن للملائكة دوراً في الفصل بين الناس يوم القيامة ، كما أن لهم مهمة في الدنيا . وتأمل هنا أن الله تعالى ذكر لفظ الربوبية فقال { إِنَّ رَبَّكَ … } [ السجدة : 25 ] ولم يقُلْ : إن الله ، والربوبية كما قُلْنا عطاء وتربية ، وكأنه سبحانه يقول : اطمئنوا فالذي سيتولَّى مسألة الفصل هو ربكم . وقوله سبحانه : { فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } [ السجدة : 25 ] لأن الفصل لا يكون إلا عن نزاع ، والنزاع لا بُدَّ أن يكون عن قضية تريد مراجعة من حكم حاكم . ثم يقول الحق سبحانه : { أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ … } .