Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 21-21)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أسوة : قدوة ونموذج سلوكي ، والرسول صلى الله عليه وسلم مُبلِّغ عن الله منهجه لصيانة حركة الإنسان في الحياة ، وهو أيضاً صلى الله عليه وسلم أُسْوة سلوك ، فما أيسر أنْ يعظ الإنسانُ ، وأنْ يتكلَّم ، المهم أنْ يعمل على وَفْق منطوق كلامه ومراده ، وكذلك كان سيدنا رسول الله مُبلِّغاً وأسوة سلوكية لذلك قالت عنه السيدة عائشة رضي الله عنها : " كان خلقه القرآن " . لكن ، ما الأسوة الحسنة التي قدَّمها رسول الله في مسألة الأحزاب ؟ لمَّا تجمَّع الأحزاب كان من دعائه صلى الله عليه وسلم : " اللهم مُنزلَ الكتاب ، سريعَ الحساب ، اهزم الأحزاب ، اللهم اهزمهم وزلزلهم " . وجعل شعاره الإيماني فيما بعد " لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وأعزَّ جنده ، وهزم الأحزاب وحده " وما دام هذا شعار المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فهو لكم أُسْوة . وقال تعالى عن المؤمنين في هذه الغزوة : { وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ … } [ البقرة : 214 ] . وفي بدر يقول أبو بكر : يا رسول الله ، بعض مناشدتك ربك ، فإن الله منجز لك ما وعدك . ولقائل أنْ يقول : إذا كان الله تعالى قد وعد نبيه بالنصر ، فَلِم الإلحاح في الدعاء ؟ نقول : ما كان سيدنا رسول الله يُلح في الدعاء من أجل النصر لأنه وَعْد مُحقَّق من الله تعالى . واقرأ قوله تعالى : { وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱلْكَافِرِينَ } [ الأنفال : 7 ] . فالرسول لا يريد الانتصار على العِير ، وعلى تجارة قريش ، إنما يريد النفير الذي خرج للحرب . وقوله تعالى : { فِي رَسُولِ ٱللَّهِ … } [ الأحزاب : 21 ] كأن الأُسْوة الحسنة مكانها كل رسول الله ، فهو صلى الله عليه وسلم ظرف للأُسْوة الحسنة في كل عضو فيه صلى الله عليه وسلم ، ففي لسانه أُسْوة حسنة ، وفي عينه أُسْوة حسنة ، وفي يده أُسْوة حسنة … إلخ ، كله صلى الله عليه وسلم أُسْوة حسنة . هذه الأُسْوة لمَنْ ؟ { لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً } [ الأحزاب : 21 ] . وصف ذكر الله بالكثرة لأن التكاليف الإيمانية تتطلب من النفس استعداداً وتهيؤاً لها ، وتؤدي إلى مشقة ، أما ذِكْر الله فكما قُلْنا لا يكلفك شيئاً ، ولا يشق عليك لذلك قال تعالى : { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ … } [ العنكبوت : 45 ] . يعني : أكبر من أيِّ طاعة أخرى لأنه يسير على لسانك ، تستطيعه في كل عمل من أعمالك ، وفي كل وقت ، وفي أيِّ مكان ، ولذلك قُلْنا في آية الجمعة : { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً … } [ الجمعة : 10 ] .