Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 38-38)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ … } [ الأحزاب : 38 ] أي : إثم أو ملامة { فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُ … } [ الأحزاب : 38 ] أي : كيف تلومون رسول الله على تنفيذ أمر فرضه الله له وتأمل { فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُ … } [ الأحزاب : 38 ] أي : لصالحه ولم يقُلْ فرض عليه ؟ ما دام أن الله هو الذي فرض هذا ، فلتُصعِّدوا الأمر إليه ، فليس لرسوله ذنب فيه . وهذه المسألة تشبه تماماً مسألة الإسراء ، فحين أخبر سيدنا رسول الله قومه بخبر الإسراء قالوا : يا محمد أتدَّعي أنك أتيتَ بيت المقدس في ليلة ، ونحن نضرب إليها أكباد الإبل شهراً ؟ وهذا غباء منهم لأن محمداً لم يقل : سريْت إنما قال : أُسْرِي بي . فالذي أسرى به ربه - عز وجل - إذن : المسألة ليست من فعل محمد ، ولكن من فعل الله . وسبق أن ضربنا لذلك مثلاً توضيحياً - ولله المثل الأعلى - قُلْنا : هَبْ أن رجلاً قال لك : أنا صعدتُ بولدي الصغير قمة إفرست أتقول له : كيف صعد ولدك قمة إفرست ؟ لكن انتفعنا الآن بقول المكذِّبين : أتدَّعي يا محمد أنك أتيتَ بيت المقدس في ليلة ونحن نضرب إليها أكباد الإبل شهراً لأن غباء المكذِّب يؤدي به إلى عكس ما قصده من غبائه ، فهذا القول اتخذناه الآن دليلاً للرد على مَنْ يقولون بأن الإسراء كان رؤيا ، أو كان بالروح دون الجسد . فلو قال رسول الله : رأيتُ في الرؤيا أني أتيتُ بيت المقدس ما قالوا هذه المقالة ، إذن : فَهِمَ القومُ أن رسول الله أتى بيت المقدس بروحه وجسده ، وإلا ما قارنوا بين ذهابهم وذهابه ، فالذين عاصروا هذه الحادثة قالوا هذه المقالة ، فكيف نأتي اليوم لنقول : إن الإسراء كنا مناماً ، أو كان بالروح دون الجسد ؟ وقوله تعالى : { سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ … } [ الأحزاب : 38 ] أي : إخوانه من الرسل السابقين ، أو فيما كان قبل الإسلام من التعدُّد ، فلم يكُنْ رسول الله بدَعاً في هذه المسألة . { وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً } [ الأحزاب : 38 ] تلحظ أن الآية السابقة خُتِمَتْ بقوله تعالى : { وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً } [ الأحزاب : 37 ] فلقائل أن يقول نعم مفعولاً في هذا الوقت الذي حدثتْ فيه هذه الأحداث لذلك قال هنا { وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً } [ الأحزاب : 38 ] أي : أن ما حدث لرسول الله كان مقدراً أزلاً ، ولا شيء يخرج عن تقدير الله ، وقد صَحَّ أن القلم قد جَفَّ على ما كُتِب ، وعلى ما قُدِر .