Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 70-71)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
سبق أن تكلمنا عن معنى التقوى ، وهي أن تجعل بينك وبين الله وقاية ، فالحق سبحانه له صفاتُ جمالٍ ، وصفات جلال : صفات الجمال الفضل والرأفة والمغفرة والغِنَى والنفع … إلخ وصفات الجلال : الجبار المنتقم ذو البطش … إلخ فالتقوى أنْ تجعل بينك وبين صفات الجلال وقاية تقيك منها لأنك لستَ مطيقاً لبطش الله وانتقامه . ومع ذلك يقول أحد العارفين : احرص على معيتك مع الله ، نعم لأنك حين تجعل بينك وبين صفات الجلال وقاية تقترب من صفات الجمال . أما إذا اشتبه عليك قوله تعالى : { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ … } [ المائدة : 112 ] وقوله تعالى : { وَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ … } [ آل عمران : 131 ] فاعلم أن النار جند من جنود غضب الله ، فمن يتقي اللهَ يتقي النارَ ، فلا تعارضَ إذن . ومعنى : { وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً } [ الأحزاب : 70 ] أي : قولاً صادقاً يُوصل للحق ، وكلمة سديد من سداد السهم ، حين يصيب هدفه ولا يُخْطئه ، وهدفك أن تنعم بذات الله في الآخرة ، وأنْ تنفض الأسباب التي في الدنيا ، وتعيش مع المسبِّب سبحانه . فأنت في الدنيا حين تريد أن تأكل مثلاً انظر إلى الطعام الذي أُعِدَّ لك ، كم أخذ من وقت وإمكانات وأموال … إلخ ، أما في الآخرة ، فمجرد أنْ يخطر الشيء على بالك تجده بين يديك ، إذن : هذه معية يجب أنْ تحرص عليها كلَّ الحرص . ثم يذكر لنا الحق سبحانه نتيجة القول السديد { يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } [ الأحزاب : 71 ] أي : في الآخرة ، ووصف الفوز بأنه عظيم لأنك في الدنيا تأخذ عطاء الله بأسباب الله ، أما في الآخرة فتأخذ عطاء الله من ذات الله ، وليس هناك أعظم من هذا . ثم يقول الحق سبحانه : { إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ … } .