Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 40-41)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى : واذكر يوم يحشرهم جميعاً ، واليوم ظرف للحشر وللجمع يوم القيامة ، لكن لماذا يذكر رسول الله هذا اليوم ؟ قالوا : هنا إشارة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله لم يَنْسَه وما تركه ، ولا تخلى عنه ، بدليل أنه سينتقم له من أعدائه ومكذِّبيه في هذا اليوم ، وكأن الله يقول له : سترى ماذا سنفعل بهم ، كما قال سبحانه في آخر المطففين : { هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } [ المطففين : 36 ] . وقوله تعالى : { ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } [ سبأ : 40 ] معلوم أن الكفار عبدوا آلهة كثيرة ، فلماذا خَصَّ الملائكة هنا بهذا السؤال ؟ قالوا : لأنهم أعلى الأجناس التي عُبدَتْ من دون الله وأقربهم إلى الله لذلك قالوا عنهم : بنات الله ، فهم يظنون أنَّ الملائكة لهم كلمة عند الله ، ويمكن أنْ يشفعوا لهم أو يدافعوا عنهم إنْ عبدوهم لذلك ذكر هنا الملائكة ، ولم يذكر الشجر والحجر الذي عُبِد من دونه سبحانه . لكن ، لماذا وُجِّه السؤالُ للملائكة المعبودين ، ولم يُوجَّه للعابدين الذين أشركوا ؟ لماذا لم يُوبِّخهم الله ويُقرِّعهم على عبادتهم دون الله ؟ قالوا : لأن الحق سبحانه أراد أنْ يسمع المشركون من الملائكة أنفسهم الردّ : لتكون الحجة عليهم أبلغ . يقول سبحانه للملائكة : { أَهَـٰؤُلاَءِ } [ سبأ : 40 ] المشركون { إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } [ سبأ : 40 ] فأول ردِّهم { قَالُواْ سُبْحَانَكَ } [ سبأ : 41 ] يعني : تنزيه لك يا رب أنْ يُعبد سواك { أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ } [ سبأ : 41 ] يعني : نحن في ذُلِّية عبوديتنا لك يا رب أعزُّ وأكرم من كونهم يعبدوننا { بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ } [ سبأ : 41 ] يعني : ما عبدونا ، إنما عبدوا الجن { أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } [ سبأ : 41 ] فلماذا عبدوا الجن ؟ ولماذا كان أكثرهم يؤمن بالجن ؟ الجن هو الجنس الذي يقابل الإنس ، وسُمِّي الجن لأنه مستور عنَّا ، يرانا ونحن لا نراه ، كما قال تعالى : { إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ } [ الأعراف : 27 ] . والذين عبدوا الجن لم يعبدوهم جميعاً ، إنما عبدوا الشياطين منهم ، وعبدوهم لأنهم يطيعونهم ، وأكثرهم كانوا بالجن مؤمنين ، لماذا ؟ لأن الجن كانوا يَسْترقون السمع ، فيلتقطون بعض الأخبار والحقائق ، ثم يُوحُونها إلى أوليائهم من شياطين الإنس فيأخذها هؤلاء ويخبرون الناس بها على سبيل أنهم يعلمون الغيب ، إلا أنهم كانوا يدسُّون في هذه الحقائق الكثير من الباطل ، ثم تأتي بعض الأحداث موافقة لما أخبروا به ، فيُفْتَن الناس بهم ، ويظنون أنهم يعلمون الغيب . ثم يقول الحق سبحانه : { فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً … } .