Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 25-25)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني : يا محمد ، خُذْ لك أُسْوة من إخوانك الرسل السابقين ، فقد كُذِّبوا جميعاً ، وهذه سنة مُتبعة ، ولستَ أنت يا محمد بِدْعاً من الرسل . وقلنا : إن الله تعالى لا يرسل رسولاً إلا إذا عَمَّ الفساد وعَزَّ العلاج ، فلا وجودَ للنفس اللوامة التي تُردع صاحبها عن المعصية ، ولا للمجتمع الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر ، يعني : لا مناعة في الذات ، ولا مناعة في المجتمع ، فقد فسد هو الآخر ، واجتمع أهله على الضلال ، عندها لا بُدَّ أنْ تتدخل السماء برسول جديد يأتي بمعجزة تناسب الزمن الذي جاء فيه . فقوله تعالى : { وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } [ فاطر : 25 ] لأن الرسول ما جاء إلا ليواجه الفساد في المجتمع ، وطبيعي أنْ يواجهه الضالون والظالمون والمتجبرون المستفيدون من هذا الفساد ، وأنْ يُكذِّبوه لذلك قال تعالى : { وَكَذٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَٰبِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا } [ الأنعام : 123 ] . وقوله تعالى : { جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ } [ فاطر : 25 ] بالبينات يعني : بالشيء الواضح الذي يُبيِّن أن المتكلم صادق في التعبير والبلاغ عن ربه ، وهذه هي المعجزة ، إذن : فالرسول جاء بالمعجزة لتكون دليلاً على صدقه في البلاغ عن ربه ، فليست المعجزة هي هدف الرسالة ، إنما هدف الرسالة تبليغ الأحكام والمنهج . ويعني { وَبِٱلزُّبُرِ } [ فاطر : 25 ] أي : الكتب السماوية المنزلة مثل : صحف إبراهيم ، وتوراة موسى ، وإنجيل عيسى ، لكن خص هنا الزبور والقرآن الزبر والكتاب المنير لأن الزبور الذي أُنزِل على سيدنا داود امتاز بأنه مكتوب ، ومكتوب بحروف منقوشة بارزة ، لذلك كانت ثابتة ليست بمداد يُمْحَى مثلاً ، فهي أشبه بالنقوش الحجرية ، ويسمونها الأُويمة . والكتاب المنير هو القرآن الكريم لأنه النور المعنوي الذي ينير للناس طريق الحياة ويهدي حركتهم ، فإنْ كانت الشمس هي النور الحِسيّ الذي يهدي حركتك للحسيات ، فالقرآن هو النور المعنوي الذي يهدي مَنْ آمن به . ثم يقول الحق سبحانه : { ثُمَّ أَخَذْتُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ … } .