Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 40-40)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الخطاب في قل لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم { أَرَأَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } [ فاطر : 40 ] يعني أخبروني عنهم ، وليست مجرد استفهام عن الرؤية كما لو قُلْتُ لك : أرأيتَ فلاناً أمس ؟ تقول : نعم أو لا ، أما هنا فالمراد الإخبار عن الحال وطلب منهم هم أنْ يخبروا عن حال شركائهم الذين عبدوهم من دون الله ، وجعلهم هم أنفسهم حَكَماً في هذه المسألة . { أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ } [ فاطر : 40 ] يعني : أخبروني إنْ كانوا هم انفردوا بالخَلْق { أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } [ فاطر : 40 ] يعني : شاركوني الخَلْق وكانت أيديهم بيدي يخلقون معي { أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّنْهُ } [ فاطر : 40 ] كتاباً يبيح لهم الشرك ، ويكون حُجَّة لهم في شركهم . والحق سبحانه وتعالى يشرح لنا هذه القضية في موضع آخر ، فيقول سبحانه : { مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً } [ الكهف : 51 ] . فالحق سبحانه لا ينفي مشاركتهم له سبحانه في الخلق فحسب ، إنما ينفي مجرد مشاهدتهم لهذه المسألة ، فليس لهم عِلْم بالخَلْق ولا صلةَ لهم به ، ولا يستطيعون أنْ يخبروا كيف خُلِقت السماواتُ والأرض ، ولا كيف خُلِقوا هم أنفسهم . ثم يقول سبحانه { بَلْ } [ فاطر : 40 ] وهي إضراب عن الكلام السابق ، وإثبات للحكم بعدها { إِن يَعِدُ ٱلظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً } [ فاطر : 40 ] وإنْ هنا بمعنى ما النافية ، يعني : ما يَعِد الظالمون بعضهم بعضاً إلا غروراً ، والغرور هو الخداع الذي يُلبِس الباطلَ ثوبَ الحق ليجذب إليه ، ويزخرفه لهم ليغرَّهم به . ومن ذلك قول الله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } [ الانفطار : 6 ] يعني : ما أغراك بمعصيته ؟ وما شجَّعك على عصيان أوامره ؟ وكأن الحق سبحانه يُعلِّمنا الرد بقوله تعالى الكريم فالذي غرَّنا بالله كرمه وفضله . فالمعنى : بل كل هذا باطل ، فشركاؤهم ما خلقوا شيئاً ، وما شاركوا في خَلْق شيء ، ولا آتيناهم كتاباً يكون حُجَّة لهم ، كل هذا خداع منهم وزخرفة ، والحقيقة أنهم يَغُرُّ بعضهم بعضاً ، ويخدع بعضهم بعضاً بهذه الأباطيل . ثم يقول الحق سبحانه : { إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ … } .