Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 108-111)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لقد استحقَّ سيدنا إبراهيم هذه المنزلة في جميع الأمم من بعده أنْ يُسلِّموا عليه ، كلما ذُكِر ، فيقولون { سَلاَمٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } [ الصافات : 109 ] فلو ذبح إبراهيم ولده لَصارتْ سنةً من بعده أنْ يتقرَّب الإنسان إلى الله بذبح ولده ، لكن لما صبر سيدنا إبراهيم ، واستسلم لأمر ربه جاءه الفرج من الله وعُوفي وولده من هذا البلاء ، وعُوفينا جميعاً معه من هذه المسألة ، فكلما ذُكِر قلنا : عليه السلام ، لأنه حمانا من هذا الموقف الصعب . وقوله : { كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } [ الصافات : 110 ] كذلك يعني كما فعلنا مع إبراهيم نجزي كل مُحسن ، والمحسن هو الذي لا يقف عند حَدِّ الواجب المطلوب منه ، إنما يتعدَّاه إلى الزيادة من جنس ما فُرِض عليه وكُلِّف به . فالحق سبحانه فرض علينا خمس صلوات في اليوم والليلة ، فمَنْ زاد على ذلك فهو من الإحسان . الله فرض علينا الحقَّ المعلوم للفقير وهو الزكاة ، فمَنْ زاد وأعطى غير المعلوم فهو من الإحسان ، واقرأ في سورة الذاريات : { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ } [ الذاريات : 15 - 16 ] . يعني : زائدين عما فرض الله من جنس ما فرض الله عليهم . ثم يذكر سبحانه حيثيات هذا الإحسان { كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } [ الذاريات : 17 - 19 ] . والمحسن يستحق هذا الجزاء لأن الذي يتقرَّب إلى الله بأكثر مما فَرَض الله عليه دليل على أنه عَشِق التكليف والمكلَّف ، وعلم أن الله كلَّفه بأقلّ مما يستحق فزادَ .