Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 171-173)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

معنى { سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا } [ الصافات : 171 ] يعني : قلناها قبل الكون كله ، وهذه الكلمة لها مترادفات : سبقتْ كلمتنا ووقعتْ وحقَّتْ ، سبقتْ أي : لتحديدها قبل الحدوث ، ووقعتْ ساعة الحدوث وحقَّت أي : هي حَقٌّ أنْ أقضي بقدرتي ، وحَقٌّ أنْ تقع على مَنْ أريد . إذن : فهي مَعَانٍ ملتقية معاً ومتكاملة . فما هي هذه الكلمة التي سبقتْ من الله لعباده المرسلين ؟ هي قوله : { إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ } [ الصافات : 172 - 173 ] . هاتان قضيتان : الرسل لا محالة منصورون ، والجند لا محالة غالبون ، هذه كلمة سبقتْ من الله وقضاءٌ لا يُرَدّ ، لذلك أخذ العلماء وأهل المعرفة من هذه الآيات أن للجندية شروطاً ، مَنِ استوفاها استحقَّ الغلبةَ ، ومَنْ أخلَّ بها استحق الهزيمة . فحين ننظر في نتيجة معركة بين مسلمين وكافرين ، فإنِ انتصر المسلمون فاعلم أنهم حققوا شروط الجندية لله ، وإنْ هُزِموا فعليهم أنْ ينظروا في أنفسهم ويبحثوا عن أسباب الخلل ، ووجه المخالفة لقانون الجندية لأنهم لو ظلُّوا على جنديتهم لله لَتحقَّق لهم وَعْدُ الله بالغلبة . وهذه المسألة واضحة في معركة بدر وفي أُحُد ، ففي بدر انتصر المسلمون لأنهم لم يخالفوا قانون الجندية لله تعالى ، لكن في أُحُد لم ينتصروا مع أن رسولَ الله بينهم ، ولا تتعجب لذلك فهذا أمر طبيعي ، ألم يخالفوا أمر رسول الله ؟ بلى خالفوا ، فكيف لو انتصروا مع هذه المخالفة ؟ والله لو نصرهم اللهُ لَهانَ عليهم أمر رسول الله بعد ذلك ، ولَقالُوا : خالفناه في يوم كذا وانتصرنا ، إذن : النتيجة يوم أُحُد انهزم المسلمون المتخاذلون ، لكن انتصر الإسلام وعَلَتْ قوانينه ومبادئه . أما الرسل فهم واثقون من وَعْد الله لهم بالنصر ، وهذه مسألة عندهم لا تُناقَش ، والدليل على ذلك من قصة سيدنا موسى - عليه السلام - ، فلما خرج من مصر ببني إسرائيل فأتبعه فرعون وجنوده ، حتى كاد أنْ يدركه عند شاطئ البحر ، وحتى قال قوم موسى { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } [ الشعراء : 61 ] . فبماذا رَدَّ سيدنا موسى ؟ قال كلا هكذا بملء فيه يُكذِّب واقعاً يمكن أن يحدث بعد لحظة واحدة ، فالبحر من أمامهم والعدو من خلفهم ، لكنه يقول { كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } [ الشعراء : 62 ] . هذه هي الثقة في كلمة { إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ } [ الصافات : 172 ] أي : الرسل .