Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 31-34)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
معنى { فَحَقَّ } [ الصافات : 31 ] أي : وقع ووجب { عَلَيْنَا } [ الصافات : 31 ] أي : جميعاً التابع والمتبوع ، الجميع وجب له العذاب ، والحق هو الشيء الثابت الذي لا يتغير ، وهذا المعنى ورد في القرآن بأساليب ثلاثة : { سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ } [ هود : 40 ] ، و { حَقَّ ٱلْقَوْلُ } [ يس : 7 ] ، و { وَقَعَ ٱلْقَوْلُ } [ النمل : 82 ] . فقد سبق مِنَّا أنْ أخبرنا بحدوث الشيء ، وقد تحقق بالفعل ما أخبرنا به وتحقُّقه بوَقْع يعني : بقوة وبشدة . وقالوا : إن كلمة { وَقَعَ ٱلْقَوْلُ } [ النمل : 82 ] لم تُستخدم إلا في الشرِّ ، ما عدا مرة واحدة استُخدمت في الخير ، وهي قوله تعالى : { وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ ٱلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ ٱللَّهِ … } [ النساء : 100 ] . وتأمل قوله سبحانه : { إِنَّا لَذَآئِقُونَ } [ الصافات : 31 ] ولم يقولوا مُعذَّبون أو مُحرَّقون ، لأن العذاب أو الإحراق يمكن أنْ ينتهي في وقت من الأوقات ، أما الإذاقة فهي دائمة ومستمرة ، وهذا المعنى واضح في قوله تعالى : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَٰهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ } [ النساء : 56 ] . وقد اكتشفنا مُؤخَّراً أن الجلد هو مركز الإحساس لا المخ ، بدليل أنك حين تأخذ حقنة مثلاً تشعر بالألم بمجرد أن تنفذ الإبرة من منطقة الجلد ، وبعد ذلك لا تشعر بألم ، هذه الحقيقة قررها الحق سبحانه في قوله : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَٰهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا } [ النساء : 56 ] لماذا ؟ { لِيَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ } [ النساء : 56 ] فإذاقة العذاب في نفس الجلد . وقولهم : { فَأَغْوَيْنَاكُمْ } [ الصافات : 32 ] أي : دَلَلْناهم على طريق الغواية والضلال ، والغاوي هو الذي ضلَّ طريق الخير والحق { إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ } [ الصافات : 32 ] والمعنى : إنْ كُنَّا نحن ضالين غاوين ، فلماذا نترككم للهداية وللإيمان ، لا بُدَّ أنْ تشربوا معنا من نفس الكأس ، وهذا منطق أستاذهم إبليس ، فلما عصى وطُرِد من رحمة الله أقسم أنْ يُضِلَّ معه ذرية آدم ، ليكونوا مثله في الضلال . ثم يُنهي الحق سبحانه هذه المواجهة بين أهل الباطل ، ويقرر هذه الحقيقة { فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ } [ الصافات : 33 ] أي : يوم القيامة { فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } [ الصافات : 34 ] وهذه سُنَّتنا في أهل الضلال { إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } [ الصافات : 34 ] والمجرم هو الذي يُكذِّب بقضية الإيمان الأولى ، وهي التوحيد لذلك يصفهم الحق سبحانه في الآية بعدها : { إِنَّهُمْ كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ … } .