Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 2-2)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
نعرف أن بل حرف يفيد الإضراب عما قبله أو نفي ما قبله وإثبات ما بعده ، فـ بل هنا تثبت أن الذين كفروا في عزَّة وشِقَاق ، فما المنفي قبلها ؟ قبلها قوله تعالى { صۤ وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ } [ ص : 1 ] هذه معجزة محمد صلى الله عليه وسلم ، وكان من الواجب أنْ يقتنعوا بها ، وأنْ يؤمنوا بها لكنهم كفروا ، فالمعنى : بل الذين كفروا ما صدَّقوه ، بل هم في عِزَّة وشِقاق . بعض العلماء يرى أن { صۤ وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ } [ ص : 1 ] قَسَمٌ جوابه جاء في آخر السورة في قوله تعالى : { إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ } [ ص : 64 ] لا … لا يصح أن نُقدِّر القسم ثم نبحث له عن جواب مناسب . ومعنى : { فِي عِزَّةٍ … } [ ص : 2 ] أي : عِزَّة الإثم ، وهي التعالي والاستكبار عن الحق ، وهي عزة بلا رصيد { وَشِقَاقٍ } [ ص : 2 ] من الشق ، وهو حدوث فاصل بين شيئين ، ولهذه معانٍ كثيرة في اللغة ، نقول : هذا في شق وذلك في شق . يعني : لا يلتقيان ، مثل كلمة عدو ، لأن العدوَّان لا يتفقان ، وكلمة عدو أصلها في لغة العرب ، ومن بيئتهم حيث توجد الوديان ، والوادي له ناحيتان ، كل واحدة تُسمَّى عُدوة . ومنه قوله تعالى : { إِذْ أَنتُمْ بِالْعُدْوَةِ ٱلدُّنْيَا وَهُم بِٱلْعُدْوَةِ ٱلْقُصْوَىٰ … } [ الأنفال : 42 ] فعدو من العدوة . يعني : كل واحد مِنا في ناحية ، ومثلها كلمة جانب ، وكلمة حد كما في قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } [ المجادلة : 5 ] . ومثلها كلمة انحرف ، يعني : هذا في حرف ، وهذا في حرف ، يعني : على طرف وهذا على الطرف الآخر ، ومنه قوله تعالى : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ … } [ الحج : 11 ] فهذه كلها ألفاظ تؤدي معنى عدم الالتقاء ، كما في : { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } [ ص : 2 ] عزة آثمة كاذبة وشقاق يعني : اختلاف لا التقاءَ فيه ، والمراد بالشِّقاق عدم اتعاظهم من سوابق الأمم مع رسلهم لذلك القرآن لا يسرد لهَم تاريخاً حين يقول لهم : { وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ * وَبِٱلَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [ الصافات : 137 - 138 ] إنما يُذكِّرهم بما غفلوا عنه . وهنا يقول : { كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ … } .