Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 6-7)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الملأ هم الذين يملأون العين مهابةً وزياً وهِنْداماً ، ويملأون صدور المجالس . والمراد : الأعيان وزعماء القوم وصناديد الكفر في قريش ، وعلى رأسهم الوليد بن المغيرة ، وأبو جهل وأُبيّ بن خلف ، وأمية بن خلف ، وعتبة بن ربيعة ، وأخوه شيبة ، والنضر بن الحارث ، وخصَّهم الله بالذكر لأنهم أهل السيادة ، ودعوته صلى الله عليه وسلم ستسحب بساط السيادة من تحت أقدامهم ، فهم المضارُّون من دعوة رسول الله . ولهذه المسألة قصة ، فهؤلاء الزعماء ذهبوا إلى أبي طالب عم رسول الله وقالوا له : لو كان ابنُ أخيك يريدُ مُلْكاً مَلكْنَاه علينا ، وإنْ كان يريد مالاً جمعنا له من المال حتى يصير أغنانا … إلخ فَكلَّم أبو طالب رسول الله وقال : يا ابن أخي ، ابْقِ عليَّ وعلى نفسك ، ولا تُحمِّلني من الأمر مَا لا أطيق ، إن قومك جاءوني وقالوا كذا ، وكذا فقال صلى الله عليه وسلم قولته المشهورة : " والله يا عَمِّ ، لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في يساري على أنْ أتركَ هذا الأمر ما تركتُه حتى يُظهِره الله ، أو أهلِكَ دونه " . فلما خاب سَعْيُهم ، وعلموا أن رسول الله لن يُهادنهم في آلهتهم ، ولن يقبل عروضهم ومساوماتهم أسرعوا إلى القوم يحفزونهم على التمسك بآلهتهم والصبر عليها { وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ مِنْهُمْ } [ ص : 6 ] يعني : إلى قومهم { أَنِ ٱمْشُواْ } [ ص : 6 ] يعني : سيروا على ما أنتم عليه من عبادة الأصنام ، وابْقوا على طريقتكم وعبادتكم { وَاْصْبِرُواْ عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ } [ ص : 6 ] يعني : على عبادتها واحذروا أنْ يُضلِكم محمد عنها . { إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ } [ ص : 6 ] أي : مسألة مدبرة لها ما بعدها من العواقب ، لأن الآلهة إنْ كفرتُم بها ستغضب عليكم فيصيبكم الجَدْب والقحط ، أو الشيء يُرادُ بنا نحن الأعيان ، فنذل بعد أنْ كُنَّا سادة ، ونصير سواسية مع باقي القوم . وقولهم : { مَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِى ٱلْمِلَّةِ ٱلآخِرَةِ } [ ص : 7 ] أي : ما سمعنا بأن الإله واحد ، والملة الآخرة هي أقرب المِلَل إليهم ، وهي اليهودية والنصرانية ، نعم اليهودية والنصرانية نزلتْ من السماء بتوحيد الله ، لكن الذي شجَّعهم على هذا القول أن اليهود قالوا : عزير ابن الله . والنصارى قالوا : المسيح ابن الله وقالوا : إن الله ثالث ثلاثة . لذلك قال كفار مكة : ما سمعنا بتوحيد الله في الملة الآخرة { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ } [ ص : 7 ] يعني : ما هذا إلا كذب وافتراء ، ومعنى الاختلاق : خَلْق الشيء بلا واقع يسانده .