Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 54-54)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الإنابة : هي التوبة والرجوع إلى ساحة الإيمان بالله إلهاً واحداً لا شريك له . والإسلام : أنْ تنفذ مطلوبَ الله منك في الأمر والنهي بافعل ولا تفعل . لكن هل تعني الإنابة أنهم كانوا مع الله ثم انصرفوا عنه إلى الكفر ، فيطلب منهم العودة والرجوع إلى ساحة الإيمان مرة أخرى ؟ نقول : لا بل معنى الإنابة هنا الرجوع إلى العهد الأول الذي أخذه الله على عباده وهم في عالم الذر ، وهم في ظهر آدم عليه السلام ، هذا العهد الذي قال الله فيه : { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ } [ الأعراف : 172 ] . فالمعنى { وَأَنِـيبُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّكُمْ } [ الزمر : 54 ] ارجعوا إلى إيمانكم به الإيمانَ الفطري الذي أخذ عليكم العهد به . هذا الإيمان الفطري هو الذي يصحب الإنسان فيستيقظ ضميره بعد المعصية فيتوب أو بعد الكفر فيؤمن ، هذا الإيمان الفطري المستقر في قرار النفس البشرية هو الذي ينبهها إنْ غفلت ، هذا الإيمان هو الذي نبَّه خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيرهما ، فآمنوا حينما رجعوا إلى العهد الأول والإيمان الفطري . { مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } [ الزمر : 54 ] ما معنى النُّصرة هنا والكلام عن الآخرة ؟ أي : لا يتناصر أهل الباطل ولا يدافع أحدٌ منهم عن الآخر لا التابع ولا المتبوع ، كما قال سبحانه في موضع آخر : { مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ ٱلْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ * وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ * قَالُوۤاْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ * قَالُواْ بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ } [ الصافات : 25 - 30 ] . نعم ، لا يتناصرون لأن الموقف هنا موقف خصومة ولوم ، حيث يُلْقي كل منهم التبعة على الآخر ، ويتبرأ كل منهم من الآخر لذلك قال سبحانه : { ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } [ الزخرف : 67 ] .